التعددية الثقافية:

الشعوب لا تنصهر!

 

محمد السماك

 

في عالم تتلاشى فيه الحدود السياسية وتتداخل فيه الثقافات الوطنية يستوجب الحديثُ عن واقع التعددية الثقافية وانعكاساته، سياسياً ووطنياً، التوقفَ ملياً أمام الأمور الثلاثة الآتية:

الأمر الأول هو تحوُّل القضايا الداخلية الوطنية (مثل حقوق الأقليات، وحتى الأفراد، وحرية العبادة وسواها) إلى قضايا خارجية عالمية؛ وكذلك تحوُّل القضايا العالمية (مثل السلام، والتنمية، وحركة رؤوس الأموال والاستثمارات والخدمات، وتبادل السلع) إلى قضايا داخلية تمسُّ صميم الاقتصاد الوطني والأمن الاجتماعي.

الأمر الثاني هو أن القرار الوطني في دولة ما لم يعد ملكاً لأصحابه فقط. ولكن عملية اتخاذه باتت جزءاً من عملية أوسع، تلعب فيها عناصر ما وراء الحدود الوطنية دوراً أساسياً. وتالياً فإن الممثلين المنتخَبين، المكلَّفين إدارةَ أمور شعب ما أو دولة ما، صاروا رهينة نظام عالمي له حساباته ومصالحه وقوانينه الخاصة التي لا تلتقي بالضرورة مع المحلي–الوطني منها، بل التي كثيراً ما تتناقض معها أيضاً.

أما الأمر الثالث فهو انحسار فرص المحافظة على التنوع الثقافي وتآكل المساحات الوطنية التي توفر لهذا التنوع قوة استمراره. إن الشعور بالاختناق الذي بدأت تعاني منه ثقافات متعددة يعود إلى انفلاش ثقافة واحدة على العالم، ومحاولة فرض قيمها، واعتماد هذه القيمة مقياساً للتخلُّف أو للتحضُّر (إسبرانتو ثقافية Cultural Espéranto).

يقول المستشرق الإنكليزي مونتغومري وات في كتابه الفكر السياسي الإسلامي:[1]

إذا ألقينا نظرة عامة إلى العلاقة بين الدين والسياسة فإن من المفيد الاهتمامَ أولاً بموقع الدين في حياة الفرد. وبالنسبة إلى الشخص الذي يشكل الدين عنده معنى خاصاً، وليس مجرَّد تعلُّق شكلي، يمكن التأكيد على نقطتين: الأولى هي أن الأفكار التي تتضمنها ديانته ترسم له الإطار الثقافي الذي يحيط بنشاطاته وبأعماله كلها. ومن خلال هذه العلاقة تكتسب نشاطاتُه أهميَّتها. كما أن هذه العلاقة قد تؤثر بطرق معينة على البرنامج العام لحياته. الثانية هي أن الدين، من حيث إنه يؤدي بالمؤمن إلى وعي المضمون الأوسع الذي تقوم عليه الأهداف الممكنة لحياته، من الممكن أن يولد لديه الحوافز المحركة لسائر النشاطات التي يقوم بها. وبالفعل فإنه من دون هذه الحوافز الدينية لا يمكن القيام ببعض هذه النشاطات.

ويضيف وات:

ومن خلال هاتين النقطتين، يتبين لنا كيف أن الدين يحتل موقعاً مركزياً في حياة الإنسان، ليس من حيث إنه يقرر الكثير من التفاصيل (مع أنه يفعل ذلك بالفعل في بعض الحالات)، ولكن من حيث إنه يوفر للإنسان أهدافاً عامة في الحياة، ويساعد على تركيز قواه من أجل تحقيقها.

وهذا يعني أنه لا قيمة لحياة الإنسان إذا لم تكن له قاعدة ثقافية يستمد منها معنى لحياته؛ وتالياً فإن تذويب أية ثقافة خاصة هو تذويب للقيم التي تقوم عليها إنسانيتُه، وتدمير لها، أي للمكوِّن الأساس للثقافة. من هنا يأخذ الدفاع عن الخصوصية الثقافية بعداً مقدساً على النحو الذي نشهده اليوم في مواقع متعددة من العالم، بما في ذلك – بل خصوصاً – في عالمنا.

إسلامياً، تكوَّنت عناصر الثقافة والتقاليد الثقافية الإسلامية ونَمَتْ وتطوَّرت في تناغم أساسي مع الدين. وهذا يعني أن فك الارتباط بين الدين والثقافة الإسلامية يجرد هذه الثقافة من هويتها ويقتلعها من جذورها الروحية. وهو شأن الثقافة المسيحية أيضاً، بل شأن سائر الثقافات الشرقية، كالهندوسية والبوذية وسواهما.

وعلى العكس من ذلك، فإن الثقافة الغربية الحديثة – والمعولمة – تكوَّنت خارج الدين، وفي أحيان كثيرة قامت على تحدِّيه وعلى التناقض معه. وهذا يعني أن نموَّها وتطوُّرها يتطلَّبان دائماً الإبقاء على حالة فك الارتباط بين الدين والثقافة. فهي لا تستبعد القيم الدينية فقط، إنما تسفِّهها وتحمِّلها تبعة ما تعانيه الشعوب المتمسكة بالدين وبثقافته من تأخر اجتماعي وتردٍّ اقتصادي. أدى ذلك إلى قيام الهوة الواسعة بين ما هو إلهي وما هو بشري، بين ما هو مقدس وما هو دنيوي، حيث الهيمنة دائماً وبالضرورة للدنيوي.

من هنا التناقض بين الثقافة الغربية، والثقافة الإسلامية تحديداً، والثقافات الشرقية عموماً.

إن التشخيص الأوروبي لواقع العالم الإسلامي يقوم أساساً على هذا التناقض. فالغرب يعزو تأخر المجتمعات الإسلامية إلى تمنُّعها عن فك ارتباطها الثقافي بالدين؛ وهو يرى أن هذه المجتمعات تقصِّر عن مواكبة المسيرة الحضارية لأنها غير قادرة على أن تحذو حذوه بصناعة ثقافة لادينية.

في الثقافة الغربية الدين ماضٍ، والتمسك بالدين هو ارتداد عن المستقبل. من هنا فإن الثقافة الغربية لا ترفض الإسلام كإسلام، ولكنها ترفض الدين في المطلق، إسلامياً كان أو مسيحياً، من حيث هو مكوِّن لثقافة عصرية تقود إلى مستقبل إنساني أفضل، وتعتبر التمسك به حجر عثرة في وجه انتشار الحضارة الإنسانية وعولمتها.

ويصل التباين بين الثقافة الإسلامية والثقافة الغربية[2] إلى نقطة اللاالتقاء عندما يعتبر الغرب أن نجاحه وتفوقه هو ثمرة أخذه بالرأسمالية وبالعلمنة، وعندما يعتبر في الوقت نفسه أن فشل العالم الإسلامي وسقوطه هو ثمرة التزامه بالدين.[3] أما العالم الإسلامي فإنه يعزو تفوق الغرب إلى ممارسة "الاستعمار النهبي"، ويعزو تأخر الشعوب الإسلامية إلى ما تعرضت له من استعمار وابتزاز، وإلى ما واجهته من محاولات استهدفت – وتستهدف – شخصيتَها وثقافتَها الدينية، ولم تزل، في محاولة لمسخها وإضعافها، ومن بعدُ تدجينها واستتباعها.

في الثقافة الإسلامية أن الله خلق الناس مختلفين إثنياً واجتماعياً وثقافياً ولغوياً؛ ولكنهم في الأساس "أمة واحدة"، كما جاء في القرآن الكريم: "وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا..."[4]؛ أي أن اختلافاتهم، على تعددها، لا تلغي الوحدة الإنسانية. وتقوم هذه الوحدة على الاختلاف وليس على التماثل أو التطابق؛ وذلك أن الاختلاف آية من آيات عظمة الله ومظهر من مظاهر روعة إبداعه في الخلق. يقول القرآن الكريم أيضاً: "ومن آياته خلقُ السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين"[5]. والقاعدة الإسلامية، كما حددها الرسول محمد عليه السلام، هي أن "لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى"؛ وتالياً فإن الاختلاف العرقي لا يشكل قاعدة لأفضلية ولا لدونية. فهو اختلاف في إطار الأمة الإنسانية الواحدة، يحتِّم احترام الآخر، كما هو وعلى الصورة التي خلقه الله عليها.

وإذا كان احترام الآخر كما هو، لوناً ولساناً (أي إثنياً وثقافياً)، يشكل قاعدة من قواعد السلوك الديني في الإسلام فإن احترامه كما هو، عقيدة وإيماناً، هو احترام لمبدأ حرية الاختيار التي تُعتبَر عطاء إلهياً، فضَّل الله به الإنسان الذي خلقه من طين على الملائكة الذين خلقهم من نار ونور. ثم إنه التزم بقاعدة عدم الإكراه في الدين؛ وهي قاعدة جوهرية، حيث الـ"لا" هنا نافية وليست ناهية، بمعنى أنها لا تعني عدم إكراه الناس على الإيمان، ولكنها تعني أنه لا يكون إيمان بالإكراه. وهذا فرق كبير!

يقول القرآن الكريم: "ولكلِّ وجهة هو مولِّيها..."[6] – وفي ذلك إشارة واضحة إلى تعدد التوجهات؛ ويقول أيضاً: "... وما بعضهم بتابعٍ قبلة بعض..."[7]. ذلك أنه، مع اختلاف الألسن والألوان، كان من طبيعة رحمة الله اختلاف الشرائع والمناهج.

إن وحدة الجنس أو اللون أو اللغة ليست ضرورة حتمية لا يتحقق التفاهم بدونها. لذلك لا بدَّ، من أجل إقامة علاقات مبنية على المحبة والاحترام، من الحوار على قاعدة هذه الاختلافات التي خلقها الله، وأرادها أن تكون، والتي يتكشف للعلم أنها موجودة حتى في الجينات الوراثية التي تشكل بعناصرها شخصية كلٍّ منا وتمايزاتها.

في ضوء هذه المبادئ العامة التي تقول بها الثقافة الإسلامية، ليس صحيحاً أن الدول لا تقوم إلا على هوية واحدة. هناك دول انهارت، مثل هايتي، أو تفتتت، مثل كوريا، رغم وحدة الهوية واللغة والجنس. وهناك دول قامت وازدهرت، رغم تعدد هوياتها، كالولايات المتحدة مثلاً، التي، رغم أن مجتمعها قائم على الهجرة، أي على تلاقي جماعات وافدة من أديان ومن ثقافات ومن أجناس مختلفة ومتباينة، تراجعت عن تمسُّكها بشعار "البوتقة الوطنية" National Crucible في ثقافتها العامة. فالإسبانية، كلغة وكلسان ثقافي، بدأت تنافس الإنكليزية في معظم الولايات المتحدة؛ ولا تزال قضية ازدواجية الولاء الوطني لليهود الأمريكيين بين إسرائيل والولايات المتحدة قضية ساخنة وغير محسومة. ولقد منحت مقاطعة كيبيك في كندا حق استخدام وسائل قسرية لمنع سيطرة اللغة الإنكليزية في المقاطعة على حساب اللغة الفرنسية التي تعتبرها المقاطعة لغتها الأم.

بل إن بعض الدول الأوروبية التي تبدو ظاهرياً موحدة الهوية لم تكن كذلك. فشعوب الغال في فرنسا لم تصبح أسلاف الفرنسيين ألا بعدما قررت ذلك كتبُ التاريخ الفرنسي. واليوم يعترف كل من فرنسا وإسبانيا بالثقافات الموازية في مجتمعاتها وبأن لأصحابها هويتهم أيضاً. وفي المملكة المتحدة تبرز معالم الثقافة القومية للاسكتلنديين والويلزيين، بقدر ما تبرز مثل هذه المعالم لدى الفلمنك في بلجيكا، والكتالونيين في جنوب إسبانيا، والباسك في شمالها. ثم إن هناك دولاً منقسمة على ذاتها إثنياً (البوسنة)، ودينياً (إيرلندا الشمالية)، وقبلياً (الصومال)، بحيث إن تركيب هوية وطنية واحدة لأي منها لا يبدو مهمة ممكنة.

يقودنا ذلك إلى أمرين أساسيين: الأول هو أن تحديد الهوية لم يسبق إقامة الدولة، إنما جرى ذلك في ما بعد، ومن خلال اللغة والثقافة العامة المعتمدة في برامج التعليم والتربية؛ الثاني هو أن وحدة الهوية الثقافية ليست شرطاً لا غنى عنه لوحدة الدولة.

في ضوء هذه المسألة يمكن القول إن بناء الوطن لا يتطلب بالضرورة فرض هوية واحدة على جماعات منقسمة بعمق إثنياً أو دينياً؛ بل إن بناء الوطن يكون بإدارة صيغة العيش الواحد بين هذه الجماعات، باعتماد ثقافة احترام الاختلافات والتباينات القائمة بينها.

لقد توحدت إيطاليا (1861) وتوحدت ألمانيا (1871) على أساس وحدة الثقافة والدم؛ وانهارت الإمبراطورية النمسوية–المجرية عام 1918 على أساس عدم استيعاب تعدد الثقافات والإثْنيات في صيغة تجمَع بين هذه التعدديات على قاعدة الاعتراف بخصائصها واحترام خصوصياتها في ظل شرعة دستورية واحدة لوطن واحد. وهو ما حلَّ بالإمبراطورية العثمانية كذلك، رغم كل المحاولات التي قامت بها لتجنب هذا المصير.

لم تقم الدول التي انبثقت عن انهيار الإمبراطوريتين التاريخيتين على أساس هوياتها العرقية أو الدينية المحددة، بقدر ما قامت على أساس تقاسم النفوذ بين ورثة الإمبراطوريتين، سواء أكان ذلك في البلقان، أم في الشرق الأوسط، وخصوصاً في أفريقيا، حيث رُسِمَت حدودُ الدول، وحُدِّدت هوياتُها الوطنية من دون أي حساب لانتماءات سكانها القبلية أو العرقية أو الدينية. وربما تعود الانفجارات السياسية التي تشهدها القارة السوداء بين وقت وآخر، والتي تصاحبها مجازر جماعية، إلى هذا الأمر.[8]

ليست الشعوب معادن قابلة للتذويب والانصهار. يمكن أن يتلاعب العلمُ بذرات المادة وبأجزاء الذرة ليغيِّر من معالمها، أو ليصهرها في مادة أو في مواد أخرى. ولكن عندما يتعلق الأمر بالثقافة وبالخصوصيات الإنسانية فإن عملية الصهر بالقهر، أي بالإلغاء والتذويب، مآلها الفشل. أمامنا تجربة الاتحاد السوفييتي وتجربة الاتحاد اليوغوسلافي السابقين، وحتى تجربة تشيكوسلوفاكيا. وما نشاهده اليوم من محاولات لإثبات الثقافية الحميمة، من سينكيانغ في شرق الصين حتى الباسك في شمال إسبانيا، دليل على ذلك.

لا يشفع لمقولة الانصهار الوطني – ربما – سوى حسن نيات أصحابها! فلا معنى لما تقول به العولمة اليوم من أن للإنسان حقاً في الثقافة دون أن يعني ذلك، بالضرورة، أن له حقاً في ثقافة خاصة. صحيح أن الثقافة غير ثابتة وغير محددة في طبيعتها، إلا أن حركيَّتها وانفتاحها لا يلغيان خصوصيتها.

إن الأمة، كما يقول المستشرق والمؤرخ الفرنسي إرنست رينان، هي "استفتاء شعبي يومي". وفي ضوء هذا التعريف، الذي يصح في لبنان كما يصح في العديد من الدول والمجتمعات الأخرى، فإن العيش الواحد، أو حتى العيش المشترك، يكون بالحب أو لا يكون. وهو يثمر ويزدهر بالاختيار الإرادي الحر وليس بالاستجابة المستكينة إلى القضاء والقدر. فالاستجابة إلى زواج الإكراه الوطني، استكانة أو قسراً، سرعان ما تنقلب إلى ارتداد وتمرد عندما تتوافر أول فرصة للانفكاك منه. ولكن عندما يقوم الزواج – الوطني – على الحب والاحترام والإرادة الحرة فإنه ينجب ذرية صالحة ازدهاراً واستقراراً، ويرسي دعائم الوطن الصالح، ويكون زواجاً شرعياً وسراً مباركاً.

*** *** ***

عن النهار، الأحد 20 تشرين الأول 2002


[1] Montgomery Watt, Islamic Political Thought, Edinburgh Univ. Press, 1968, p. 28: “If we look more generally at the relation between religion and politics, it is helpful to consider first the place of religion in the life of an individual. In the case of a person to whom religion means something and is not a merely nominal adherence, two points may be emphasized: First, the ideas of his religion constitute the intellectual framework within which he sees all his activity taking place. It is from this relationship to a wider context that his activities gain their significance, and a consideration of this relationship may influence his general plan for his life in particular ways. Secondly, because religion brings an awareness of this wider context in which the possible aims for a man’s life are set, it may often generate the motives for his activity; indeed, without the motives given by religion some activities cannot be carried out. From these two points it is seen that religion has a central position in a man’s life, not because it determines many of the details (though in some cases it may), but because it gives him general aims in life and helps to concentrate his energies in the pursuit of these aims.”

[2] أرجو أن تلاحظوا هنا أنني أشير إلى الغرب وليس إلى المسيحية، لأن التعاليم والقيم المسيحية منفصلة تماماً عن ثقافة الغرب وحضارته.

[3] كما يقول المستشرق مكسيم رودنسون في كتابه الماركسية والعالم الإسلامي، ص97–98.

[4] سورة يونس، الآية 19.

[5] سورة الروم، الآية 22.

[6] سورة البقرة، الآية 148.

[7] سورة البقرة، الآية 145.

[8] في رواندا وحدها ذهب أكثر من مليون إنسان خلال أشهر عدة فقط ضحية الصدامات العرقية.

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود