|
دين
الجهلاء
جورج
ناصيف
1
تتكاثر،
كالفطر، الحواراتُ المسيحية والإسلامية، هنا
وثمة. قليلُها جليلُ الفائدة، وكثيرُها
مجاملاتٌ وكلامٌ في العموميات، يتأبَّى
الدخول في المواضيع الساخنة. تتكاثر
الحوارات، ويتكاثر معها التوتر المذهبي
والقدْح على المنابر وفي المنتديات المغلقة.
لكن جديد هذه الأيام أن المواقع الدينية على
الإنترنت محشوة بكراهية فظيعة، ويفحُّ منها
السم. ويكفي أن تدخل موقعاً لتكتشف أن ثمة
خناجر مسمومة وإهانات وتجريحاً بالعقائد.
يكفي أن تقرأ فتوى لأحدهم لينزل عليك الماء
بارداً. وليس من يوقف هذا السيل من جانب
مرجعيَّات رسمية أو شبه رسمية. 2
هل
تكون
"الشحنة التعبوية" في الأديان السماوية
هي المسؤولة؟ هل الظن باحتكار الحقيقة هو
الباعث على إعدام الآخر؟ هل هي أزمات العيش
والهوية والضياع والخواء تلبس لبوساً دينياً؟ هل الخوف من الذوبان أو النزعة إلى
السيطرة؟ هل
النص الديني، عندما يتنزَّل في التاريخ
والزمن، يتحول – حكماً – إلى إيديولوجيا؟ لا
أملك جواباً. لكن يقيني أن الدين، إن تمكَّن
من قوم جهلاء، كان ناراً وسعيراً، وإن ساد
عقول الوديعين، الفهماء، كان سلاماً ورقة. يقيني
أن الدين يصلح للأطهار والمسالمين فقط. أما
أصحاب النزوع العنفي، فخطره أنه يزيدهم عنفاً
وغلاظة واستكباراً. القليل
من الدين، كالقليل من العلم، ضارٌّ، ويمنح
صاحبَه الظن أنه يمتلك تكفير كل الخلائق. أما
كثيرُه، فيضعه في مصاف القديسين والأولياء. فأكثروا
من الدين، ولا تكونوا أشباه متدينين. ***
*** *** عن
النهار، الأربعاء 6 تشرين الثاني 2002
|
|
|