|
وتظلُّ...
الجمرةُ في عينيك
(مختارات)
محمد توفيق شديدإيمان
*** الطائفية
في لبنان...
*** الصُّفر
مخطوطاتُكم موتاي
يعتقلونني، أشباحُهم حولي لها ظلٌّ رهيبْ موتاي
خلفي، أين سرتُ، لهم على خطوي وأنفاسي رقيبْ عقلي
سجينُ تراثِهم، ويداي في غلِّ المحرَّمِ
والمُعيبْ عاداتُهم
وطقوسُهم سدَّتْ عليَّ منافذَ الأفقِ
الرحيبْ * إرثُهم
هذا القديم، أحسُّه جبلاً على ظهري وأثقلُ شدَّني
للُحودِهم، أقتاتُ منها مثلما الديدانُ
تفعلُ يقظتي
أنماطُ مسلكهم، حرامٌ أو معيبٌ أو مُرذَلُ غفوتي
النيرانُ والشيطانُ والفردوسُ والمَلَكُ
الموكلُ * أنا
ميْتٌ فيهم وهم أحياءٌ بي، من يومِ عشتُ
تقمَّصوني جسدي
بلا رأسٍ، فقد حزُّوه عنه وأفرغوه وأفرغوني وضعوا
جماجمَهم عليه، فصرتُ أحياهم، ولا أحيا يقيني شَطَروا
كياني، صارَ جسمي غيرَ رأسي، صارَ عقلي في
جنوني * هولُ
الجحيمِ يرجُّني ويُذِلُّني ويميتُ بي معنى
الإباءْ والحورُ
والولدانُ تمسخُني، تصيِّرني لها قردَ
اشتهاءْ وأضلُّ
دربي بين تلك وذي، أُعلَّقُ بين أرضي
والسماءْ كيف
لي أن أستعيدَ نُهاي... عقلي من قبورِ الأتقياءْ؟! * الصُّفرُ
مخطوطاتُكم أجثو لها عمري ذليلاً كالعبيدِ شهراً
صياماً كلَّ عامٍ كلَّ يومٍ خمسةَ أوقاتِ
سجودِ وأخافُ
من نزعاتِ نفسي أن تغيظَ الله جبَّارَ
الوجودِ فيُزَجُّ
بي في النارِ. هل حرٌّ أنا أم عبدُ مقبرةِ
الجدودِ؟! *** يا
ربُّ مزاعمهم يا
ربُّ! مزاعمهم – لو شئت – تعيدُ يقيني
وتبدِّد شكِّي أنكَ
تهتمُ بكلِّ صغائرِ تفكيري... ما
أضمِرُ، أرغبُ، أو أكرهُ أو
أن "ملائكةً" لا أدري ترصدُني وتسطِّرُ
ما أفعلُ حتى مثقالِ الذرَّهْ. لو
شئتَ تخلِّصُني من شكِّي لكشفتَ لي البرهانَ–العِبرَهْ في
سعةِ العُمْرِ – ولو مرَّهْ أن
تطفئَ في كفِّيَ جمرَهْ أن
تُرقِصَ في آنيتي زهرَهْ أن
تُشهِدَني قطرةَ ماءٍ تتفجَّرُ من صخرَهْ أن
ترسمَ لي من خللِِ الغريمةِ حواءَ المفتان
الأولى تسترُ
– عمَّن لا أدري – عورتَها برقائقَ أوراقِ
الخُضرَهْ أو
فوقَ صِحافِ الموجِ سفينةَ نوحٍ تحملُ
كلَّ المخلوقاتِ، وحتى الجرذانَ، وكلَّ
جراثيمِ بلايانا المُرَّهْ أو
تُشهِدَني – لمحاً – يوسفَ أجملَ ولدانِ
الجنَّهْ كيف
النسوةُ قطعنَ – ولم يشعُرنَ – الأيدي لملاحتِه،
بهراً من نظرَهْ. ...
... ... مولانا،
يا ربُّ، صحائفُهم... أو
ليتكَ تُنزِلُ قُدَّامي كأسَ حليبٍ لا
مائدةً أو كبشاً، يحملُها مَلَكٌ ينقذُ طفلاً هاجمَه
الجوعُ كوحشٍ ضارٍ، ينهشُ عُمرَهْ ...
... ... شيء
من هذا أحرى أن يقنعَني من
أوراقِ مكاتيبَ صفراءَ، بلا توقيع يحملُها
من عرشكَ للأرضِ شعاوذةٌ يتهمونكَ
فيها بشذوذِ الأفعال،ِ وبالبطشِ وبالحيزةِ،
والقهرِ، وبالأثرَهْ؟! *** أشرف
الساعين فيها… من
تصبَّبَ جهدُه عرقاً تألَّقَ في الجبينْ ومُنافِحٍ
وَهَبَ السلامَ حياتَه، اعتنقَ الإخاءَ ونصرةَ
المظلومِ والمحرومِ دينْ لا
حاكمٌ متجبِّرٌ، كرسيُّهُ أضلاعُ صدرِ
الشعبِ يخنقُ
فيه ترجيعَ الأنينْ لا
مَن زها يختالُ في جُبَّةِ وَعْظٍ نسجَها
قوتُ اليتيمِ أو السقيمِ أو الحزينْ لا
من تجارتِه المآسي والهمومِ وما
اشتهى إلا دماءَ البائسينْ لا
خادعٌ متملِّقٌ، عَشِقَ الحياةَ حقارةً
ودناءةً فهَوى
يعيشُ على فتاتِ الآخرينْ. *** الإله
هو المحبة في يقيني
لا
الذي يغري ويُرهِبُ بالجِنانِ أو السَّعيرْ وهو
ذاتي حين أسمو بالإخاءِ وبالسلامِ وحين
أستوحي الضميرْ وهو
في أديانِكم من يرسلُ الطوفانَ والزلزالَ والبركانَ،
تطغى أو تدمِّرُ أو تثورْ والحياةُ،
كما أراها، حقلٌ خصبٌ مانحٌ كالزَّهرِ
في بستانِه، هل يخنقُ الزهرُ العبيرْ؟! وهي
جهدٌ يرفضُ المتبطِّلين، القاعدين، الخاملين ذوي
الكهانةِ، والسيادةِ، والقصورْ وهي
عدلٌ، ليس فيها سيِّدٌ ومسودٌ بيضٌ
وسودٌ، أو لبابٌ وقشورْ. *** وتظل...
الجمرة في عينيك كيف،
لماذا يفسدُ مشوارُ حياتي ومن
قبل مماتي أُلحَدُ؟ كيف،
لماذا أحيا مضطهَدَ التفكيرِ، وإحساسي
مستعبَدُ؟! لا
أملكُ عمراً آخرَ كي أتنازلَ عن عمري وكقالبِ
ثلجٍ أتجمَّدُ. من
ملَّك غيري عمري، أعطاهُ وثيقةَ أنفاسي لأعيشَ
القهرَ أسبِّحُ
باسمِ الطاغيةِ المعبودِ وأسجدُ * وكأمِّكَ،
أمِّي، يا طاغيتي منحتْني
زهرةَ عمرٍ منها لتراني أكبرُ وأمارسُ
إنسانيةَ ذاتي، أغدو حراً وأروحْ أنفاسي،
من سهدِ ضناها لتصادرَني
وتصادرَها يا نذلَ الروحْ؟! جسدي
من نسجِ دماها ليمزِّقه
سوطُك، يُدميهِ قروحاً وجروحْ؟ ماذا
تملكُ من تبريرٍ إنسانيٍّ كي تمسخَني ببغاءَ أردِّدُ
ما أنتَ تبوحْ؟ * أفكاري
وسؤالاتي، لم لا تلقى غيرَ الزنزانةِ والسوطِ
المشرعِ ردَّ جوابْ؟! لم
تعطي نزواتِك قانوناً قدسياً من أثرياتِ
الأجدادِ لتقطعَ
رأسي في محرابْ؟ وتظلُّ
الجمرةُ في عينيك تشعُّ الرعبَ كأنكَ
ذئبٌ يحكمُ في غابْ. حتَّامَ
تواري بؤسَ غبائِكَ بالتهريجِ وتفضُّ
بالسيفِ المُصْلَتِ حكمَ الإرهابْ؟ * إنسانٌ
من هذا الشعبِ أنا... مَنذا
أنتَ لتنشبَ أظفارَ قيودِك في عنقي وتعطِّلَ
طاقةَ عقلي؟! إن
كنتَ الإنسانَ، وساءَك رأيي أو نقدي بالحجةِ
قوِّمني، وتجاوزْ عن جهلي أو
دَعْ لسواكَ أمورَ الشعبِ. وإنكَ
مثل الناسِ ومثلي أم
ظنُّك أنكَ بيضةُ ديكٍ ما
جادَ بها الزمنُ الأعجفُ يا مولانا؟! يا
مولانا، ما أتفهَ حاكمَ شعبٍ يتحكَّمُ
بالشعبِ ويَستعلي. ***
*** ***
|
|
|