خارجَ
الزمن... خارجَ المكان
ابنة ربَّة عمُّون
تَتزاحمُ
أطيافٌ كالنَّملِ في عينيَّ...
تتلو شَجْوَ شبابيكَ
صدئةِ الجدرانِ
تَصَدَّعتْ أنَّاتُها
خوفَ انقراضٍ وذُبول
كَمْ
رَكضَ صَمْتُ صقيعٍ يُعيدُنَا
لِنُجنَّ مِن
وَجَلِنَا ويأسِنا،
فنُفْقَدُ في
التِيَاعِ صحراءِ الوجود
إنَّا عَلى مَرْمَى
بَرْقٍ نَسْمَعُ ضَوْءَهُ
لكنَّنَا لا نُبْصِرُ
مَجَاهِيلَ العَتباتِ...
صَمْتٌ مَوْجُوعٌ
مُكَدَّس
يَرْجُونَا الزحامُ
أن نَفْرَغَ الْمَجِيءَ
لنتبوَّأ زمنَنَا
الهالك
يعودُ يُغافِلُنا،
يتَّقِدُ مرَّةً أخرى
يَنْقضُّ على حكايانا...
لِمَ في السَّهوِ
الشَفَفِ والأداءِ الشعائريِّ،
نضيعُ هكذا!
...
ها أنذا أعودُ إليكَ
كي أحدِّثَكَ
أو أنالَ منكَ وردةً
مُبلَّلةَ الحكاية...
اخْتلطْتُ بكيمياءِ
التَّأسِّي ليسَ له تسميات
تسلَّلتُ ذات يومٍ
شباككَ الأزرق
وجدتُك بين دفَّتَيْ
كتابٍ حزين
خَارجَ النَّصِ نحنُ
ومن زمن المِفتارِ
نعودُ للغيابات
نسكنُ الأساطيرَ
تسكنُنا
سيحكون عنَّا يوما
تهويماتُ صباحاتٍ
ومساءاتٍ توقفُ يَراعةَ الزمنِ،
نَهْذي نرتدُّ لحِلمِ
الحُلمِ الماضي الغدِ وكلُّه عدم...
...
أيها المسافرُ صوبَ
قرنِ الجنون
أتُشْرقُ في مرايا
قلبكَ ملامحُ لم تسكنْ بؤبؤَ العيون؟
سأمشي إلى حتفي
بأحداقٍ مفتوحة
لا برقٌ يشقُّ عتمةَ
يومي
لا صاعقةٌ تضربُ ليلي
لا شيء سوى أرتالِ
الهازِلِ وتقوُّسِ الكلماتِ
سئمتُ قصائدَ لجَّةِ
خِدَعِ السُّمَيْهاءِ،
وَسْنيَّةَ المعنى،
شاحبةَ اللونِ زخرُفها أجوف
كلماتُ ظلالٍ تسلبُ
ظلالا
لا شيء معها سوى
كذباتٌ
لعناتٌ
بكائياتٌ
ركلاتٌ
ثوراتٌ مُؤتَفِكاتٌ
وكثيرٌ من قهقهاتِ
مجونٍ في زمنٍ بلا نبوءاتِ...
...
أيها القادمُ خُلسةً
من غاباتٍ منسيَّة
نَتَسَاءلُ نُسَائلُ
نُعاتِبُ ونخاصمُ أحزانَنا
نستحضرُ المعنى وسطَ
كومةِ مسلَّماتٍ،
مُصادفاتٍ،
التماساتٍ،
نُحِيلُها لهالاتِ
شمسٍ شَاحِبَةٍ غاربة
تتساقطُ أوراقٌ،
مدنٌ،
أطفالٌ،
كثيرٌ من رحمِ
النساءِ،
يَهْوي جَذْعٌ،
ويَحْتَرِقُ جذرُ
الشجر
...
آتيكَ على منَاكِب
صقري الأعمى
أنا المفتوحةُ على
لغزِ الأبدية
جيادي قوقازيةٌ بلا
سرجٍ تاهت في الصحارى
سأعترف
أضعتُ عصافيرَ
السِّدرِ
أطعمتُها خبزاً
سكَّراً مُهجةً ورحلتُ عنها
أعترف... خاصمتُ نفسي
وكتبتُ يومياتٍ
لاأُباليَّة...
زهوري صارت علفاً
للقطعانِ
أيها الضوءُ الأعمى
طهِّرْني مِنْ كآبتي
آيا ملكَ الغيلانِ
خبِئْني من لَمَّةِ وجعِ أسئلتي...
...
عند الصباح،
أيةُ طرقٍ يأتونَ منها
وإليها؟...
أيُّ موسيقى يُصغونها
وهم ينهبون شوارعَهم الجحيمية؟
يغتصبونَ في حلكةِ
ليلهم سباياهم،
وتحت نورِ الشمس
يركعونَ طويلاً لأوثانهم
استولوا خرافتَكَ
فَصِرْتَ بينهم
وحْشاً منْسيا
...
أمانة
أخْرجْ من ليلةِ ألفِ
ليلة
إغريقياً، بوذياً،
سُومرياً، كنعانياً، مُؤابياً، فرعونياً،
قوقازيا
ما عادَ صِغارٌ كبارٌ
يَخْشوْنَكَ
أما دريتَ أننا في زمنٍ بلا
ظلٍّ وملمح!...
نرسيسُ ما عادَ له وجهُ
جسدٍ،
وقلبُه النرجسيُّ
مِنَ البشرِ احترق
اخرجْ من رحمِ الكتبِ،
لا تخشى البشرَ
ليس بينهم عشَّاقٌ
فرسانٌ وسيوفُهم خشب
...
تعالَ أحدِّثُك عن
قبيلتي
فيها نحاسٌ يصير أخضرَ كالزمرد،
ربما... يتخفَّى صدئٌ
مذْلَى في برعمِ لوزٍ ودراق!
في قبيلتي
تَدُكُّ سنابكُ
الخيلِ عوالمَ الأحلام
في قبيلتي...
وجوهٌ شاحبةٌ زئبقاً
يجري الشريان
جدلُ الغبارِ يلتصقُ
أشرعَتها
ممزقةً تدخلُ
غيبوبتَها
تبكي بقعَ دمٍ،
فُجَاءَةً يتوقفُ
حُزنُها...
قبيلتي...
يتمَعَّى فيها
المِسْقَامُ
يرجمونَ الوردَ
يدوسونَ الياسمينَ
وشقائقَ النعمان...
يصيرُ حبٌّ، عِشقٌ،
وطنٌ، أرضٌ، مطرٌ، دمٌ،
رماداً هباءَ...
...
أداهمتْك الأحزانُ
فجفلتَ؟!
ما أشقانا وقد أضعنا
زمانَنا والعنوانا
عُدْ إذنْ لغبارِ
الكتبِ
فهناك رائحةُ أرضٍ،
وثمة إنسان
لكن، لا تتركْني وحدي
لا تقطع صحوةَ وهجَ
شوقي
أنا وأنت طويلاً
عميقاً سنهذي
نُهدي بوذا إصبعين،
نتساءلُ ببراءةِ يمامٍ:
أيهدأ عقلٌ إنْ
كفنَّاه بالوردِ؟
نَتساءلُ ونُسَائِلُ
ونُعاتِبُ أحزانَنا
أيا غولَ زمنٍ سحيقٍ،
أما زلت تتمنَّى أن يُجنَّ العالمُ مثلي؟
تعالَ إذن خارجَ
الزمنِ والمكان
نخترقُ جِدارَ الصوتِ
نوقظُ مدنَ الشبحِ
أتراقصني لنعيدَ
للأبجدياتِ بريقَ توهُجِّها
ضوءَها الْمُنفلتا...
نلتمعُ في ليلِ
التساؤلاتِ اختلاجا
لا تخشى قدمي دوسا
فرأسي على حبلِ
مِشْنقةٍ يتدلَّى...
شمسٌ غاربةٌ تئنُّ على
كفِّي،
تقودُ الوَسْمِيَّ
طرقَ الاستِحالاتِ
قلبي هناك في حقلِ
زنابقَ
يحصدُ وعداً أملاً
صوتا
بأنْ لا يُجرحَ، أن لا
يُقتلَ
إلا أن الوعدَ
احترقا...
...
جدْيٌ تائهٌ في مراعي
اللامعقولِ
ثورُ السماءِ ينقضُّ
يلتهمُ قلبي
ميزانٌ متعبٌ بين
أصابِعي
حيتانٌ تُلاطمُ بحرَ
عقْلي
عقارب تنهشُ خلاياي
ذئابٌ تحكم زمني
أبيني وبين الجنونِ
مداراتٌ خصيبة!...
ترى
أتسكنُ الروحُ إن
خضعتْ طاقةُ العقلِ؟
أو يستكينُ جسدٌ إن
فرغتْ شحناتُه؟
إلى أين يذهبُ القتلةُ
أيها الإنسانُ؟
ترى...
متى يرتقى الإنسانُ
ليكونَ إنسانا!...
متى يا غولي تماهينا
في أسئلةِ القرن الصعبة؟
أيها الرقيقُ
أتقتاتُ ذاتكَ
المحترقة!
أيُدميك عزفُ أحرفي!...
أتخشى بغتةَ فرحةَ حزنَ مسائي!...
كم عانقتْ حروفي لك
السَّنا،
داعبت أمنياتٍ
معلَّقاتٍ على شجرةِ ميلاد
تعال نسترجعها في
براءةِ جباهٍ نقيةٍ كندفِ الثلجِ
لتمجِّدكَ السماءُ أن
تحفظكَ في ذاكرتي
وفي ذاكرةِ زمانك
تُحفَظُ طيبةُ أحلامي
...
ما زالت أبجدياتي
تبتهلُ تندسُّ ريْعانَ القصيد
أيُّها الحرفُ
المقدسُ
أمانة
قاوِمِ السيَّافَ
اسْمَهرَّ وإنْ كنتَ
على بساطِ ريحٍ هاجِعَة
تعالَ نُراقصُ ضوءَ
القلبِ على صفحةِ ماءِ
نشعلُ الفناراتِِ
قد ينفجرُ الماءُ
مغنيا
ربما يجيءُ إليه شيءٌ
من الحبِّ الخمريِّ،
قبل أن يتخمَّرَ نبيذاً
عتيقَ الوجعِ أسود...
أخرجْ من ألفِ ليلةٍ
وليلة
اجعلها مليارَ ليلة
إغريقياً بوذياً
سومرياً فرعونياً مؤابياً كنعانياً قوقازيا
أخرجْ من رحمِ الكتب
بارتعاشةِ الشَّهقاءِ
سنرقصُ مِليارَ ليلة
وَجَعاً
نَزْفاً
سنروي مِنْ جديدٍ
حكايانا
أنت في صدعِ الزمنِ
أسطورة
وأنا!...
ماموثٌ مطمورٌ في جليدِ
عصورٍ مسحوقة
وقبيلتي مومياءُ
ترقصُ مأتمَها
مقعدكَ ينتظركَ
وأنا
لم أُنْهِِ القصيدة
ومعزوفتي إليكَ
اسمها
أ
م
ا
ن
ة
.
.
.
*** *** ***
|