تصريح براءة*

 

وليدقارصلي

 

أنا الموقع أدناه ... الاسم ... اللقب ... أصرِّح بأنه ليست لي أية علاقة بالمختفي عن الأنظار، العالم البيولوجي المدعو كارل فيربوينت. كما أقرُّ أنه خلال عملنا معاً في مراحل مختلفة من الزمن كنت أعارض آراءه المتطرِّفة التي كنت أعتبرها أقرب إلى هذيان مجنون منها إلى نظريات علمية، أو حتى نكات خالية من الأهداف والمعاني. لذا لم أكن أعيرها أيَّ اهتمام.

سؤال: هل اشتركت مع كارل... هيربوينت المذكور... في تجارب فصل الصبغيات المورِّثة... على الخلايا الحيوانية أو البشرية؟

جواب: فيربوينت... اسمه "فير... بوينت"... نعم، اشتركت... على الخلايا الحيوانية فقط...

سؤال: ما هي أهداف هذه الأبحاث؟

جواب: أهدافها المحافظة على بعض أنواع الكائنات الحية المهددة بالانقراض...

سؤال: وماذا كان عملك؟

جواب: كنت أدير المختبر... وأتابع بعض الأبحاث المتعلقة بتفكيك الصبغيات المورِّثة...

سؤال: هل سافرت مع المدعو كارل فيربوينت إلى أفريقيا عام 1992؟

جواب: لا... ولكن في ما بعد... نعم.

[ذكرت للسيد المحقق كلَّ ما يتعلق بزيارة فيربوينت إلى أفريقيا في العام المذكور التي سبق وحدَّثني عنها بعيد عودته، حيث اعترف لي بأنه تمادى كثيراً في تطفُّله على بعثات التنقيب عن آثار الإنسان البدائي في كينيا، مما حدا برئيس البعثة أن يطرده بأدب. ولكنني، في حينه، لم أستشف أية نوايا خبيثة بعد.]

سؤال: ذكرتَ سابقاً أنك رفضت المشاركة في الوفد العلمي إلى أكاديمية العلوم في سيبيريا – الاتحاد السوفييتي – للاطلاع على جثة طفل الماموث السالمة تقريباً... التي اكتُشِفَتْ في أرض الجليد... لماذا رفضت المشاركة؟

جواب: لم أشارك مرغماً... لقد توفيت عمتي في ذلك اليوم...

[كان ملخص الفكرة التي طرحها فيربوينت هي إحياء الماموث. والمقصود هنا خلق الظروف الملائمة لتهجين خلية من نطفة الفيل الأفريقي مع صبغيات تُستخرَج من خلايا ماموثية، ثم تُخصَب بها بويضة حديثة، إلخ. وعندما بدأت نتائج التجربة توحي بالإثمار ترك فيربوينت معهد الأبحاث المشترك (السوفييتي–الأمريكي) دون أن ينتظر النتائج النهائية. وقتئذٍ قرر السفر إلى أفريقيا. وفي المطار، عندما سألتُه عن تجربة الماموث، ابتسم وهو يتجه نحو الطائرة وقال: "شاهدت الجنين بالأمواج فوق الصوتية!"]

سؤال: ماذا حصل بعد ذلك؟

جواب: انقطعتْ عنِّي أخبارُه نهائياً حتى عام 1995... عندما استلمتُ منه بطاقة بريدية تشع كلماتها القليلة بالفرح...

[وكانت بطاقة بريدية مرسلة من أثينا تقول: "توتي أصبح في جيبي"! وقتها استغرقت زمناًً كافياً لكي أفهم أنه يقصد توت عنخ آمون نفسه! هه... توتي... ثم مضت عدة سنوات، إلى أن التقيت به، مصادفة، في صقلية في أحد المؤتمرات، وأقنعني بالذهاب معه إلى الصحراء بأفريقيا. كان طويل الشعر، مجنون العينين، يداه في حركة دائمة... لم يكن طبيعياً أبداً.]

سؤال: وهل ذهبت؟

جواب: لقد ذكرت أنه أقنعني... يعني أنني ذهبت... لم يكن لديَّ أي عمل... لقد طلب مني إحضار بعض الأجهزة والعيِّنات الضرورية لتجاربه...

سؤال: هل تعتقد أنه التقى بك في صقلية مصادفة؟

جواب: الآن لم أعد أعتقد ذلك... فأخبار المؤتمر كانت تملأ الصحف...

[في الطريق راح فيربوينت يحدِّثني عن المصاعب الجمَّة التي صادفته مع "توتي" (!)، وكيف أن المرأة التي وضع في رحمها أربعة أجنة دفعة واحدة كادت تموت في ذلك المختبر المنعزل في الصحراء. وفهمتُ منه أنه كان يعيش مع تلك المرأة كزوجة وكعبدة وكفأرة اختبار في آن واحد!]

سؤال: تقول هنا في إفادة سابقة إنك لم تكمل الطريق معه لأنكما علمتما من أخبار الواحة أن أمر المختبر قد انكشف... متى كان ذلك؟

جواب: بعد أن قطعنا بحيرة التشاد... وقتها طلب مني أن أتابع الطريق وحدي نحو المختبر لأستطلع الوضع... ولكي أرى بأمِّ عيني نتائج التجربة وأتأكد بنفسي من وجود أربعة نسخ من توت عنخ آمون...

[عندما وصلتُ كان المكان محاصراً. شرطة دولية وعناصر من الأمم المتحدة وغير ذلك. لم أكشف عن نفسي وعدت أدراجي. في اليوم التالي كانت الصحف قد نشرت مقالات مطولة عن وجود أربعة نسخ حية من الفرعون المصري. وقد نشرت صورة الأم ومجموعة من صور المومياء للفرعون المذكور وتماثيل له. ولكنهم لم ينشروا صور النسخ الأربعة لأسباب محرجة، واكتفوا بالقول إن الشبه بين النسخ وبين الأصل كان رهيباً!]

سؤال: كم كان عمر الأطفال... أقصد الفراعنة الصغار؟

جواب: حوالى تسع سنوات... أو... ربما عشر...

[وعندما عدت إلى النقطة المتفق أن نلتقي فيها لم أجده، وعلمت أنه قد رحل.]

سؤال: وما هو مصير الأم والأطفال؟

جواب: لا أعلم!

سؤال: جيد... هل لديك تصريحات أخرى؟

جواب: ن... ن... نعم... اليوم وصلتني بطاقة بريدية من مكان مجهول... في البطاقة ثلاث كلمات فقط... تقول: "بونابرت يهديك السلام"... سيدي المحقِّق... هل تظن أنها إحدى نكاته السخيفة؟!

انتهى التصريح، وعليه أوقع:

الاسم ... اللقب ... التوقيع ...

*** *** ***

دمشق، 1987


* كتبت هذه القصة القصيرة قبل تفكك الاتحاد السوفييتي وقبل استنساخ أم الغنمة دوللي بسنوات! (المحرر)

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود