|
المنعطف يدور العدد
الجديد، المزدوج (18-19، 2001)، من مجلة المنعطف
(فكرية ثقافية فصلية، يصدرها عدد من الأساتذة
في جامعة وجدة في المملكة المغربية) حول "إشكالية
النهوض في العالم العربي والإسلامي" –
وفيه نقع على "وجهات نظر" تتناول
الخيارات التي يرتسم من خلالها مستقبل العالم
العربي والإسلامي انطلاقاً من قراءة جديدة
للتراث وتفاعل خلاق مع الفكر الغربي، بدون
تبعية له. ويحاول محمد أمزيان، المدير
المسؤول للمجلة، في افتتاحيَّة بعنوان "سؤال
المرجعيات في خطابات النهوض" أن يحدد
مرجعيات محاولات النهوض في العالم العربي
والإسلامي، التراثية والأصولية والمتغرِّبة، ليخلص إلى رصد ستة مرتكزات
تشكل، بدرجات متفاوتة، مجالاً مشتركاً بين
ممثِّلي "العقل المتغرِّب" في الكيان
الثقافي للأمة العربية والإسلامية: 1.
إن المرجعية التي تبناها [هذا العقل]
استغرقت إنتاجه الفني والأدبي والفكري
والفلسفي والاجتماعي... مما أثر في تعميق
التبعية والإلحاق وتكريس العولمة وتدمير
الخصوصية الثقافية، وساهم في تشكيل مجتمعات
أصبحت مجرد هوامش وأطراف تدور في فلك المركز
الغربي. 2.
إن المرجعية التي حكمت أطروحاته، مع أنها
تجد ثوابتها في الثقافة الغربية، إلا أنها
ظلت تتلون بحسب التقلبات التي عرفتها تلك
الثقافة، مما أثر سلباً على استقرارنا
السياسي والاجتماعي والتنموي، حيث بقي
مجتمعنا مسرحاً لكل التجارب ومفتوحاً على كل
التيارات "الإصلاحية". 3.
إن هذه الأطروحات ظلت مجرد صدى لأصولها
الغربية التي شكلت منطلقاً لـ"الخيارات"
الثقافية العربية، والتي تحركت من اليمين إلى
اليسار، ومن الوجودية إلى العدمية، ومن
الحداثة إلى ما بعد الحداثة... وهذا "الجولان
الفكري" الذي لم يتردد في توطين مفاهيم
الآخر داخل فضائنا الثقافي شكَّل بعض
الأطروحات المعاصرة التي تقول: "إن وراء كل
مفكر عربي ثابتاً غربياً." 4.
إن القطيعة الإبستمولوجية مع الفضاء
الثقافي الأصلي طرح إشكالية "الهوية
الثقافية" لمجتمعنا العربي لأول مرة في
تاريخه الثقافي والحضاري وأدى إلى فقدان
الإحساس بالانتماء التاريخي. 5.
إن فقدان الشعور بالانتماء التاريخي أدى
إلى التمرد على "الذات" والتنكر لـ"الأنا"
وتقمص شخصية "الآخر" واستحضار ذوقه
ومعاييره، بحيث تشكلت مواقف سلبية تجاه
الماضي "الهجين"، تاريخاً وتراثاً،
وأعيدت قراءته وفق معايير الآخر، وأدمِج
تاريخنا في تاريخه وحاضرنا في مستقبله،
وأسقِطت الحضارة الإسلامية من تاريخ الدورات
الحضارية العالمية. 6.
النظرة الانتقائية إلى التراث، حيث تمت
استعادته من خلال المعايير الغربية نفسها.
فما بقي حياً من تراثنا هو ما كان موافقاً
لذوق الغرب، وما بقي إيجابياً فيه هو ما كانت
له قيمة في معاييره. هكذا تمت استعادة عقلانية
ابن رشد وواقعية ابن خلدون؛ وبالمقابل، تم
استبعاد "أرثوذكسية" السلف، و"ثبوتية"
"النصيين"، وهكذا. ويخلص أمزيان قائلاً: "إن
رغبتنا الملحة في التخلص من هيمنة المرجعية
الغربية ينبغي ألا تُسقِطنا في هيمنة
المرجعية التراثية. فالمرجعية التراثية
بالنسبة لنا جزء من تاريخ تفاعَل فيه
أجدادُنا مع أصولنا الثابتة. والمطلوب ليس
استعادة تجربة السلف، بل إعادة التجربة،
تجربة المعاناة والتفاعل مع المطلق في لحظتنا
التاريخية الراهنة، وهو شرط أساسي لتحقيق
مشروع النهوض، لا يمكن تجاهله أو القفز عليه." يضم العدد الأبحاث التالية: "حول
القيم والمفاهيم السائدة في المجتمع العربي
المعاصر بين العالمين الغربي والإسلامي" (طارق
البشري)، "محاولات النهوض بين منطق الإلحاق
وإمكانات التجاوز" (خالد حاجي)، "التوجهات
الاستشراقية وأثرها في تشكيل الفكر الإسلامي
المعاصر" (مالك بن نبي، بترجمة محمد أمزيان)،
""مشاريع" النهوض الإسلامية من الصعود
إلى الانحدار" (مصطفى المرابط، رئيس تحرير المنعطف
وعضو هيئة معابر الاستشارية)، "مشروع
النهوض ورهانات التغيير: قراءة في تجربة محمد
علي" (منير شفيق)، "ملاحظات حول فكر
ومشاريع النهوض: أنظار حول الرؤية والمنهج"
(ميمون نكاز)، "التجديد والإصلاح في منتصف
القرن العشرين: سعيد النورسي والمسألة
الدينية" (دجون أوبرت فول، بترجمة خالد
حاجي)، "فكر ابن تيمية الإصلاحي: أبعاده
الفلسفية" (أبو يعرب المرزوقي). كما يضم
مراجعتين: تقرير عن أطروحة "الاجتهاد
والتجديد في الفكر العربي والإسلامي المعاصر:
دراسة في الأسس المرجعية والمنهجية" (سعيد
شبار) وقراءة في كتاب عباس الجراري "هويَّتنا
والعولمة" (مصطفى السلاوي). *** *** ***
|
|
|