|
ناسك
ومتوحِّد من
"عشاق الله"
الخوند الراهب
الشاعر: "المسيحي يتحدَّى الخطأ، ولو
كلَّفه الموت والاستشهاد."
رئيس دير
ميخائيل: "نتألم لهجرة المسيحيين ولا نؤمن
بالدولة المسيحية سياسياً."
تحقيق:
هالة حمصي
إنهم
عشاق الله حتى جنون القلب والروح، الهائمون
به. يبدأ كل شيء بـ"همسة" في القلب، بومضة، بخلجان
سحري، ببريق أخَّاذ حتى الانبهار، بلحظة تفوق هذا العالم. نُسَّاك
وناسكات، متوحِّدون ورهبان وراهبات يجمعهم
جميعاً التوق إلى الله، سمائه ونجومه. "سوف
أعرفك يا من تعرفني، سوف أعرفك كما تعرفني.
اُدخلْ إلى نفسي، يا قوام نفسي، واسكُنْ فيها
واملُكْ عليها وحوِّلها إليك، منزَّهة من كل
عيب. ذاك هو رجائي." القول للقديس أغسطينوس
الشهير، لكنه لسان حال جميع هؤلاء، وعالمُهم
يُختصَر بأمر واحد: الصلاة ومزيد من الصلاة.
الحكاية عن ناسك ماروني، ومتوحِّد أرثوذكسي،
جمعتْهما دروب السماء. *** ناسك
طاميش الشاعر هنا،
في وادي طاميش الأخضر، يعيش الأب يوحنا
الخوند. إنه ناسك محبسة مار أنطونيوس قرب دير
سيدة طاميش (للرهبانية اللبنانية المارونية).
يصلِّي، ويصلِّي مجدداً، يكتب القصائد
الروحية، يقرأ، يتأمل في الله، يغني له... حتى
الامتلاء – وهو الملقب بـ"الراهب يللي
بيغني". عالمه ليس من هذا العالم. دائماً،
ترتفع عيناه إلى السماء، إلى فوق – كثيراً
ومن دون كلل. الحديث
مع الله لا ينتهي. الشوق إليه يزداد كل يوم.
إنه شاعر الله. قصائده الكثيرة أعمق تعبير عن
هيامه به، وغناؤه من حلاوة الروح، دائم
التسبيح للخالق: " شو هالنْهار الما إلو
أحلى، حِلوِه الطبيعة مْفَرفْحَه وأهلا...
أحلى بعدْ من هَيْك ما بيصير، وَحْدو
الخَلَقْها مأكدِه أحلى." هنا كل حياته.
يعيش دائماً "في حضرة من أرجو أن أكون في
حضرته مدى الأبدية". بالنسبة
إلى الأب الخوند، الأمر واضح وبسيط. يقول: "أحاول،
بكل جهدي وملء وعيي وحبي، أن أكون معه
بكلِّيتي، مصلياً دائماً هذه الصلاة التي
ترجمتُها عن الألمانية، وهي للناسك السويسري
الأخ كلاوس من العصور الوسطى: "ربي وإلهي،
خذ مني كلَّ ما يصدُّني عنك؛ ربي وإلهي،
اعطِني كل ما يشدني إليك؛ ربي والهي، خذني مني
واعطِني كلِّي لك." بهذه
الروح السكرانة بالسماء، يمضي الأب الخوند
أيامه. وتنسُّكه ليس موقفاً من العالم، أي ليس
اقتناعاً بأن العالم، بضوضائه وجماله وقبحه،
لا يوصِل إلى الله: "العالم لم يزعجني يوماً
بضوضائه، ولا سحرني يوماً بجماله، ولا
نفَّرني يوماً بقبحه، ولا تعثَّرت فيه يوماً
في طريقي إلى الله؛ بل كان طلبي التنسك نابعاً
من اقتناعي العميق في داخلي، ومن فرط إعجابي
بسيرة أجدادنا الآباء الحبساء الأبطال الذين
كانوا يملأون الوادي المقدس [وادي قاديشا] في
الأجيال الغابرة. وكان ذلك شعوري الدائم كلَّ
مرة كنت أزور دير مار أنطونيوس قزحيا أو وادي
قاديشا. أشعر في أعماقي بأن هناك خللاً كبيراً
حصل في جسم كنيستنا. فأسأل الله أن يجعلني أسدُّ
فراغاً، ولو بقدر رأس إبرة." ورغم قلة
النساك، "وهذا خلل كبير في جسم كنيستنا"،
على حدِّ قوله، إلا أنه متفائل، ويحب أن يعتبر
نفسه مثل تلك "السقاية الصغيرة المهضومة
التي شاهدت الحردون ينفخ في نار حريقة كبيرة
ليزيدها اضطراماً، فغبَّت ملء فمها ماء،
وراحت تنفثه حيث ينفخ الحردون لتطفئ النار.
تكفي النية، والله وليُّ التوفيق". ورغم
أن حياة التنسك ليست سهلة، وتتطلب موافقة
الرئيس العام، فإن اتخاذ قراره بالتنسك لم
يكن صعباً على الأب الخوند، "لأني كنت
واعداً ربي ورهبانيتي بأن أتفرغ للتعليم طوال
25 عاماً متواصلة، لعلِّي أفي لرهبانيتي ما
تكلَّفتْ عليَّ من تعليم وتثقيف، من الصفوف
الابتدائية حتى التخصص في الكتاب المقدس.
وقدَّرني الرب، فعلَّمت 27 عاماً في كلية
اللاهوت الحبرية في جامعة الروح القدس –
الكسليك وفي مراكز لاهوتية أخرى عدة. ولما
تأمَّن مَن يكمل عني التعليم بجدارة واستحقاق،
طلبتُ الانقطاع إلى الخلوة
والصلاة الكاملة. وهذا من صلب تراثنا
الرهباني لأن حياة المحبسة تتويج طبيعي لحياة
الراهب في الدير والحياة المشتركة. لذلك لم
أجد أية صعوبة، بل وجدت فرحي كاملاً عندما
تسلَّمت من سلطتي الرهبانية العليا الجواب عن
طلبي، وكان إيجابياً". ابتعاد الأب الخوند عن العالم ظاهراً لم يُبعِده قطعاً عن قلب هذا العالم وقلب الإنسانية المعذبة، المثقلة بالهموم: "إن انقطاعي إلى الله قرَّبني من إخوتي البشر أكثر فأكثر. صحيح أنني لا أسمع راديو ولا أحضر تلفزيون ولا أقرأ جريدة، لكن إخوتي الرهبان الدارسين في الدير يشاركونني في أهم الأحداث، لأنهم يأتون دورياً لمشاركتي صلاة المساء والقداس الإلهي كلَّ مساء. كذلك أخصص كل وقتي بعد القداس حتى منتصف الليل للصلاة من أجل جميع من يطلبون مني الصلاة، ومن أجل إخوتي البشر في العالم أجمع." أكثر
ما يحبه الأب الخوند "هو مَن أحبنا الحب
كلَّه، حتى آخر نسمة على الصليب. وقد رفض أن
يشرب المخدِّر ليبقى في ملء وعيه حتى آخر لحظة.
ومن خلال يسوع، أحبُ الله الآب الذي حدَّثنا
عنه يسوع مطولاً في حياته، وأحبُ الروح القدس
الذي كان محور حديث يسوع مع تلاميذه في عشائه
الأخير معهم، ليلة آلامه وموته". ويذكر
أيضاً "والديَّ اللذان ربياني على هذا الحب، وخوري ضيعتنا صيدون الذي أنشأني على حب
الأسرار المقدسة". وتشمل لائحة الأب الخوند:
"رهبانيتي التي غمرتني بالنعم الإلهية،
وجميع إخوتي وأخواتي الذين التقيتهم في حياتي
وتعرفت إليهم. وأحب أيضاً كل إخوتي المسلمين
والدروز واليهود أيضاً، وأصلي كلَّ يوم
لأجلهم كي يتعرفوا إلى يسوع الحقيقي ويحبوه
كما أنا أحبُّه." مع
الأب الخوند تظهر الطريق إلى الله جلية
كالشمس. لا تردُّد ولا مراجعة. "إنها واضحة
جداً، وهي شخص يسوع المسيح الذي قال بوضوح
وبرهن على صحة ما قال: "أنا الطريق والحق
والحياة [...]."" وهل
لا يزال الإنسان يُغضِب الله؟ وكيف؟ يجيب
الأب الخوند متسائلاً: "[...] كيف تريدين أن
يكون الله راضياً عنا إن نحن أهملنا كل ما
عمله من أجلنا، وأعرضنا عنه، وتجاهلناه، ولم
نجبه عن حبه كما يجب علينا؟ فهل هذا يعني أننا
نُغضِبه؟ لا أدري إذا كان يغضب، لكنه
بالتأكيد لا يرضى عنا بذلك إطلاقاً؛ بل أسمعه
في سفر الرؤيا يقول إنه لا يزال يقرع باب
ضميرنا وقلبنا، لكنه لا يدخل عنوة، بل ينتظر
في الخارج حتى نردَّ الجواب صريحاً، ونقول له
ببادرة حرة شخصية: تفضل، ونفتح له الباب،
فيدخل حينئذ بكل طيبة خاطر، فيتعشى معنا، ثم
يعود فيعشِّينا معه، لأنه لا يتركنا أكرم منه.
لا أحب الكلام عن غضب الله، بل أفضل الكلام عن
محبته المتألِّمة وقلبه الأبوي والأمومي
الحنون الذي يريد لنا كلَّ خير لكي نلبي حبه
ونصغي إليه ونشعر به." مجد
الحكام والسياسيين هـ.
ح.: العيش في مجتمع متعدد الطوائف والانتماءات
السياسية والمذهبية أحد أبرز التحديات التي
يعيشها اللبنانيون حالياً، علماً أن هذه
التعددية تُستغَل لإثارة النزاعات. فكيف يمكن
أن يكون المسيحيون على مستوى هذه التحديات؟ الأب
الخوند:
"أرى أن تعدد الطوائف والانتماءات
السياسية والمذهبية في وطننا هو حقاً من أبرز
التحديات في مواجهة المسيحيين اللبنانيين.
لكني أراه أيضاً نعمة فريدة لم تُعطَ لغيرنا.
فعلينا أن نقدِّرها حقَّ قدرها، فنتصرف بحكمة، ونكون على استعداد دائم للحوار بكل ما
أوتينا من قدرة على الإقناع والأخذ والعطاء.
ولا أسمح لأخي المسيحي إطلاقاً أن يدخل في
نزاعات طائفية أو سياسية، مهما كلف الأمر؛ بل
أريده أن يبقى أميناً في إيمانه، واضحاً،
ملتزماً، محباً، وشاهداً لإنجيل ربِّه يسوع
بصدق وفهم وإدراك، لأن القيم التي يمتاز بها
تراثُه الغني فريدة، وتستحق منه النضال في
سبيلها بمحبة واحترام كبيرين. وأحب أيضاً أن
يكون أخي المسيحي في مستوى هذا التحدي، ويبقى
يفتش عن أية وسيلة أخرى للحوار غير النزاع أو
الفشل أو الانزواء أو الإحباط وما إلى ذلك؛
وعلى مثال معلِّمه يسوع، يتحدَّى الخطأ ويبقى
معصوماً منه، ولو كلَّفه ذلك الموت
والاستشهاد." رسالة
المسيح: هذا ما يعيش من أجله الأب الخوند
يومياً، ويجسِّده في حياته النسكية، في كل
لحظة منها. ولكن هل هذه الرسالة مهددة بالخطر
في العالم الخارجي، بحيث تبدو القيم التي جاء
من أجل نشرها ضائعة في مهبِّ الريح؟ يجيب الأب
الخوند: "يسوع هو المتحدِّي الأكبر في
تاريخنا البشري. لقد نادى بأسمى القيم
الإنسانية والروحية، بالمحبة والمسامحة وفعل
الخير والعطاء والسلام، وجعلها "برنامجاً"
لملكوته الجديد، واختار لتحقيقه تلاميذ
فقراء، وسلَّم إليهم أعظم أمانة ورسالة عرفها
التاريخ. وقد ظلت هذه ثابتة وأبواب الجحيم لم
تقوَ عليها، ولن تقوى عليها. اختصر الإنجيلي
يوحنا عدم إيمان السلطات اليهودية بيسوع بهذه
العبارة: "أحَبوا مجد الناس على مجد الله."
لذلك نجد تلك القيم الإنجيلية المسيحية
السامية في مهبِّ الريح كلَّ مرة يكون
المسؤولون عن السياسة والاقتصاد وإدارة شؤون
الناس والعلاقات بينهم مهتمين بمجد الناس
ومجدهم الذاتي، وليس بمجد الله. من هنا تنبع
الحروب والنزاعات والانقسامات بين الأفراد
والجماعات والدول. فالخطر ليس على القيم
عينها التي أطلقها يسوع في وجه العالم متحدياً، بل الخطر على العالم نفسه الذي
يصمُّ أذنيه عنها، فلا يجد حينئذ غير الهلاك
والدمار." ويتساءل: "من قال إنه لا يمكن
لقادة الدول إدارةُ شؤون العالم عبر عيش
تعاليم يسوع وتطبيقها؟" ويؤكد أن "مَثَل
يسوع نفسه صارخ. عندما تهافت الناس عليه بعد
أعجوبة تكثير الخبز القليل لآلاف الناس
الجائعين، وحاولوا أن يخطفوه ليقيموه عليهم
ملكاً، ألم يكن ذلك لأن الناس يحتاجون إلى
أشخاص مثله، محبِّين، يحكمونهم ويسوسونهم،
لا لمصلحتهم الذاتية بل للخير العام؟"
ويتابع: "ألم يكن الحُكم على يسوع بالصلب
نتيجة حسد المسؤولين عندما رأوا كل الناس
يلهجون باسمه: "هوشعنا، مبارك الآتي ملك
إسرائيل!" راحوا في الظلام يكيدون له
ليتخلَّصوا منه، وكأنه مُزاحِم لهم
ولمصالحهم. حتى متى ينبغي أن يستمر الحاكمون
في حبِّهم لمجدهم ومجد الناس من دون مجد الله؟" سلام
المسيحيين بالنسبة
إلى الأب الخوند، "إن شرَّ الشرور أن يكون
المسيحيون أنفسهم متخاصمين بعضهم مع بعض، ومع
جيرانهم وشركائهم في الوطن، ومع أنفسهم أيضاً.
اسمحي لي بالقول إنهم ليسوا مسالمين مع
أنفسهم ومع المسيح الذي منه سلامهم وكل سلام .
لذلك هم في وضع خصام شامل مع غيرهم. وهذا هو
منتهى التناقض في الوضع اللبناني، وهو أن
يكون المسلك السياسي لزعمائنا السياسيين
والمدنيين، الذين يصِلون إلى مناصبهم بصفتهم
مسيحيين منتمين إلى هذه الطائفة أو تلك، غير
منسجم مع واقعهم المسيحي ومثاليَّتهم عندما
يبلغون إلى هذا المنصب. بذلك، يكونون مسيحيين
بالاسم لا غير. فلو كانوا مسيحيين حقيقيين،
عائشين في نعمة الرب يسوع وحِمى الإيمان
المسيحي الحق، وكانوا زعماء مثاليين، لكنَّا
بألف خير". لا
يحب الأب الخوند التكلُّم على الشيطان
وانتصار العالم عليه، "بحيث ألقي التبعة
على أنفسنا في كل ما نحن عنه مسؤولون. أعتبر أن
الإنسان هو الشيطان لنفسه ولأخيه، وهو أذكى
من الشيطان ومعلِّمه". وهل في عالم الناسك
شياطين؟ يجيب: "ليس لدي أي اختبار خاص في
هذا الموضوع. أشكر الله الذي أراحني كلياً منه.
لذلك لا أعيره أي اهتمام." ماذا
يرى الأب الخوند من محبسته؟ يجيب: "أرى من
محبستي القربان الأقدس الذي أنا حاضر أمامه
في كلِّ الأوقات، ما عدا أوقات العمل. وكل
مُناي وسعادتي أن أبقى له أميناً ومتحداً به
في قداسي ومناولتي الإفخارستية اليومية، وفي
الشوق الدائم المتواصل إلى الاتحاد به على
مدى ساعاتي ودقائقي الواعية جميعها. هذا ما
تعلَّمته من القديسة رفقة عندما كنت بعدُ في
مرحلة الابتداء عام 1953 [...]. كذلك، أرى في
محبستي تسبيقاً حلواً لأبديَّتي في حضرة الله، الثالوث
القدوس، برفقة العذراء
والأنبياء والرسل والشهداء والقديسين وكل
أمواتنا المؤمنين." أحلام
الأب الخوند كثيرة: "لقد تحقق أول حلم كبير
لي عندما اشتركت في وضع ترجمة جديدة مشروحة
للعهد الجديد صدرتْ عن كلِّية اللاهوت
الحَبْرية في جامعة الروح القدس – الكسليك
عام 1992. وتحقق لي أيضاً حلمٌ ثانٍ كبير عندما
شاركت في ترجمة صلوات الفرض الماروني في ستة
أجزاء. ثم تحقق حلمي الأكبر عبر دخولي المحبسة
وتكريس كل وقتي للصلاة وترجمة ما أمكن من كتب
الصلوات الباقية، لان أجدادنا لم يتركوا لنا
سوى كتب صلوات، وهي في غاية الروعة والجمال.
ويبقى لي حلمٌ واحد هو تلحين كلِّ قصائدي –
وعددها يفوق الخمسين وتتناول إنجيل الآحاد
على مدار كل السنة الطقسية. كنت أصلِّيها
وأنْظُمُها سطراً سطراً على الطرق العامة أو
في السيارات العمومية في تنقلاتي عندما أكون
وحدي، ولا شيء يشغلني؛ فكنت أملأ وقتي بنَظْم
تلك المشاهد الإنجيلية شعراً. وبدأ هذا الحلم
يتحقق على يد الأب مروان عازار الذي لحَّن
خمساً منها حتى الآن، وسجَّلها في كاسيت 1: "الميلاد
ووجود يسوع في الهيكل"، وفي كاسيت 2: "نيقوديمس
والسامرية والخاطئة" بعنوان: "الإنجيل
كلمة وغنِّية". لقد اكتشفت، من زمن بعيد، أن
الأغنية طريق مباشرة ونافذة إلى قلوب إخوتي
البشر. لهذا أحببت ما سموني به: "الراهب
يللي بيغني." والآن، في محبستي، انقطعتُ عن
الغناء، لكني ما زلت أكتب، وغيري يلحِّن
ويغني. وأنا أصلِّي وأحلم بأن يسمعها جميع
الناس ويرددوها ويفرحوا بالرب معي ويخلصوا." رسالة
أخيرة يوجِّهها الأب الخوند إلى اللبنانيين،
وخصوصاً المسيحيين منهم. يقول: "هذه
الرسالة أعيشها كلَّ صباح على مدى ساعتين
تقريباً، مصلِّياً، مردداً كلمة "ممنون"
مئات المرات، وأنا أتنقل بفكري تباعاً من
أبرشية إلى أخرى – وهذه طريقة عملية كي لا
أنسى أحداً." فيصلِّي على هذه النيات الخمس
"التي أعتبرها رسالتي التي ائتُمنت عليها
في محبستي: الأولى نية راعي كل أبرشية،
والأسقف وكل كهنته، والرهبان والراهبات
والحركات الرسولية من كل الطوائف المسيحية؛
والثانية على نية كلِّ أب وأم التزما
العائلة؛ والثالثة على نية كلِّ الأطفال
والشبيبة؛ والرابعة على نية كلِّ عائلة تعاني
مشكلة خاصة؛ والخامسة على نية كلِّ الإخوة
غير المسيحيين" الذين يطلب منهم الأب
الخوند "أن يحترموا عيشنا المشترك الأخوي
تحت سقف الله الواحد وسماء لبنان الواحدة،
وأن يتعرفوا، من خلالنا، إلى شخص يسوع المسيح
الحقيقي، لنلتقي فيه معاً، ونتَّحد به وبعضنا
ببعض كلَّ يوم أكثر كما صلَّى ربنا يسوع".
يضيف الأب الخوند إلى هذه الصلوات "صلاتي
من أجل إخوتي اليهود، طالباً لهم أن يستبدلوا
بلغة التهديد والقوة لغةَ الحوار والسلام،
مهما كلَّف الأمر. فللربِّ الأرض، وملؤها
المسكونة والساكنون فيها، على قول صاحب
المزامير [...]." وأنهى
الأب الخوند حديثه اللاهوتي ببيت شعر "أوجِّهه
إلى كلِّ اخوتي اللبنانيين"، على حدِّ
قوله، جاء فيه: "بِسْأل سؤال وما بلاقيلو
جواب: ليش اختلفنا وكيف عَ كمْشِة تراب؟
هالأرض عم بِتْساعْنا لمَّا نموت،
بِتْساعْنا تَ نعيش ومنبقى حْباب." * رئيس
دير ميخائيل المتوحِّد بسكنتا!
هناك يستريح دير مار ميخائيل للروم
الأرثوذكس، بين جبال وتلال تغزوها الأشجار
والعصافير، مشرعة على الهواء العليل والشمس.
الحياة في الدير هي أيضاً صلاة وتأمل وارتقاء
إلى السماء وحديث شائق مع الله. "المتوحِّدون":
هكذا يُطلَق على رهبان في أديرة أرثوذكسية،
وأحدهم رئيس دير ميخائيل. شعار حياته: "نصلي
ولن نيأس!" أيام عطلة نهاية الأسبوع، يقصده
المؤمنون لمشاركته الصلاة، عسى أن ينالوا هم
أيضاً نعمة السلام الذي هو فيه دائماً.
التوحُّد يختلف عن التنسك، "إذ إن
المتوحِّد يعيش في دير شركة، حيث كلُّ شيء
مشترك، كما كان لدى المسيحيين الأوائل"،
على ما شرح رئيس الدير، مشيراً إلى أن "الراهب
يُدعى متوحداً، لأنه كرَّس نفسه لله وحده،
وهو في وحدة مستمرة مع الله، في زواج سرِّي مع
المسيح الإله، عن طريق الصلاة خصوصاً. وهو
يعيش في دير شركة مع إخوة في سبيل اكتشاف
ضعفاته ومحاربتها عبر الطاعة ونبذ الذات". رئيس
الدير هو أيضاً أحد عاشقي الله... حتى الامتلاء.
بالنسبة إليه، يتهيأ المرء لاتخاذ قرار
التوحُّد "عبر تربية مسيحية في البيت
والكنيسة، وأيضاً بجهاده وبحثه الخاص".
يقول: "الحب المتَّقد لله والآخَر، أي
العشق الإلهي، هو ما يُطلِقه من العالم إلى
البرية. من يعشق الآخر يسعَ إلى أن يختلي به
دائماً. عندئذ لا يعود القرار صعباً، وخصوصاً
عندما تؤازره النعمة الإلهية." و"ليس كل
شيء يُفحَص عقلياً. هناك شيء من الجنون في
الحب، وإلا لا يتزوج الإنسان ولا يتنسك أو
يتوحَّد". لا
يخفي رئيس الدير أن التوحُّد "موقف ضد فساد
العالم، لا ضد العالم؛ أو بالأحرى هو موقف
يقول إن الله، المسيح الإله، يكفي لحياة
الإنسان وخلاصه". ما الطريق إلى الله؟ يجيب:
"الطريق إلى الله، كما كشفها لنا الإنجيل،
هي في إنكار الذات، ويحقِّقها الراهب عبر
الطاعة." ويشرح قائلاً: "في الرهبنة
مرحلتان: الأولى الابتعاد عن العالم وضوضائه،
ليضع المرء حداً للتجارب الخارجية والمغريات
العالمية؛ والثانية الابتعاد عن حب الأنا.
وهذه الحرب اللامنظورة يخوضها الراهب داخل
الدير عن طريق الخضوع وحياة الشركة. هذه
القاعدة ليست مطلقة؛ إذ نرى في أيامنا الصعبة
والغريبة رهباناً متوحِّدين، نساكاً في قلب
العالم. العالم الفاسد صار البرية. "هم
ليسوا من العالم، لكن أنا الذي اخترتهم من
العالم"، يقول الرب." مثل الأب الخوند الحبيس، ينغمس رئيس الدير المتوحِّد في حياة العالم وهموم الإنسانية والبشر "عبر الصلاة الجماعية والفردية، لا عن طريق الخدمة الاجتماعية – لإيمان المتوحِّدين أن قوة الله فاعلة عبر الصلاة لمساعدة الناس أكثر من الخدمة الاجتماعية المباشرة"، على حدِّ قوله، مضيفاً طريقة أخرى هي "استقبال الضيوف في الدير لغاية روحية، للاعتراف والرياضات والإرشاد الروحي". أكثر
ما يحب رئيس الدير: "المسيح أولاً، والناس
من خلاله." وهو يرى أن سبب استمرار
الإنسانية في التألم، رغم مجيء المسيح وخلاصه
البشريةَ، يعود إلى "ملاصقة الألم بطبيعة
الإنسان الساقطة الضعيفة، وهو في الوقت نفسه
سرٌّ ملاصق للفرح". ويقول: "لا فرح من دون
ألم. هذا هو الإنسان، وهذا هو سرُّ حياته وسر
محبة الله. الله لم يخلق الألم ولا الموت؛
لكنه خلق طبيعة إنسانية قابلة للألم والموت،
لأنها حرة في إرادتها. الموت مأساة، وفي الوقت
نفسه دواءٌ شافٍ يضع حداً لشرور الإنسان
وآلامه. الموت في المسيح، للمؤمن، أصبح
مَعبراً إلى الحياة. بعد مجيء المسيح، انفتح
باب الرجاء، باب السماء. "إن كنتَ مؤمناً
بالمسيح القائم، فلن تموت إلى الأبد." بالنسبة
إلى الرئيس المتوحِّد، "لا يزال الإنسان
يُغضِب الله، لأنه لا يزال يخطئ، يحب الخطيئة
التي يرتكبها بملء إرادته ووعيه". ويتدارك:
"المأساة الكبيرة اليوم أن الإنسان لم يعد
يحس بخطيئته." أما
التحدِّي الذي يواجهه اللبنانيون، وخصوصاً
المسيحيون منهم، في مجتمع متعدد الطوائف
والانتماءات "فيُرفَع عندما يُستخدَم
التعدد الطائفي للخير والانفتاح والحوار،
وليس للتقوقع". وهل
رسالة المسيح مهددة بالخطر في العالم
الخارجي، بحيث تبدو القيم التي جاء من أجل
نشرها ضائعة في مهب الريح؟ أجاب: "المسيح
أتى وفتح باب الخلاص وغلب الموت. كل ما كان
للمسيح هو خليقة جديدة تخطَّت العالم وشروره.
نحن في المسيح غالبون سلفاً، حتى لو كان
العالم غارقاً في الشرور. وستزداد هذه الشرور
حتى مجيء المسيح ثانية. الدولة، مهما نمت
وارتفع شأنها، لا تتوحد مع ملكوت الله. لذلك
نحن لا نؤمن بالدولة المسيحية سياسياً. يبقى
المسيحي خميرة وسط العالم حتى مجيء المسيح
الثاني في المجد. النزاع والطوائف والحروب
تؤلمنا جداً، ولكن لا تُخيفنا إلى درجة
اليأس؛ إذ إن النور يضيء في الظلمة، وحيث تكثر
الخطيئة تفيض النعمة. للمسيحي الحقيقي موقف
رحمة وطول أناة، ورجاء وإيمان ومحبة، وأعظمهن
المحبة." الرئيس
المتوحِّد مطمئن إلى أن حياة التوحُّد "لا
تزال مستمرة في لبنان. وكما سبق أن قلت، ربما
هناك نساك في العالم. الإنسان المقهور في
العالم والوحيد والمتوحِّد والذي لا يزال
يعشق الله هو أكبر ناسك عصري". لكنه يتألم
للبنان. يقول: "أتألم عندما أرى مسيحيي
بلادي يهاجرون من أجل الضمان الجسدي ورفاهية
العيش، ولا يصمدون في أرض المسيح والقديسين
والشهداء. لماذا قلَّت الشهادة والبشارة
لدينا؟ هل الأديان الأخرى أنفع للإنسان، أم
هي مؤدِّبة له اليوم؟ ألم نقتنع – نحن
المسيحيين – أن الربَّ يسوع جاء ليكشف لنا عن
الطريق الأفضل؟" ببضع كلمات، يحدِّد آماله
وتطلُّعاته: "نصلِّي ولن نيأس!" * 3
نساك موارنة وناسكة لاتينية في
جولة سريعة على مختلف الكنائس الكاثوليكية
والأرثوذكسية والأرثوذكسية الشرقية في
لبنان، تبيَّن أن الرهبانية اللبنانية
المارونية هي الوحيدة حالياً التي لديها
نساك، وهم: الأب يوحنا الخوند (محبسة مار
أنطونيوس – دير سيدة طاميش)، والأب الدكتور
أنطونيوس شينا (محبسة مار بولا)، والأب
الدكتور داريو إسكوبار (كولومبي) في حوقا.غير
أن النائب الرسولي للاتين في لبنان، المطران
بولس دحدح، أفاد النهار بوجود ناسكة
لاتينية فرنسية اسمها بريجيت ماي في بلدة
تولا – قضاء البترون، منذ شباط 2001. وقال إنها
تحاول أن تكون حياتها نسكية، وتلتقي أحياناً
مجموعات صلاة وتعمل أشغالاً يدوية. ماذا
عن الكنائس الأخرى؟ أفاد مسؤول في بطريركية
الروم الملكيين الكاثوليك "أن ثمة
رهبانيات كاثوليكية لديها إمكانات لتخرِّج
نساكاً، لكن حالياً لا نُسَّاك لديها".
وقال متروبوليت جبل لبنان للسريان الأرثوذكس
المطران جورج صليبا: "لا نُسَّاك في
كنيستنا حالياً، غير أن لدينا عدداً منهم في
سوريا وتركيا والعراق وأوروبا." كذلك أفاد
مسؤولون في الكنائس السريانية الكاثوليكية
والأرمنية الكاثوليكية والأرثوذكسية
والآشورية والكلدانية والإنجيلية عدم وجود
نُسَّاك لديهم في لبنان. ينسحب الأمر على
الرهبانيتين المريمية المارونية والأنطونية
المارونية. ففي الأولى، أفاد مسؤول أن الحبيس
أنطوان طربيه كان آخر ناسك فيها؛ وقد توفي من
عامين تقريباً. وقالت أمينة السر العام
للرهبانية الأنطونية "أن لا نُسَّاك
حالياً لدينا، علماً أنها [الرهبانية] شهدت
عدداً كبيراً منهم على مرِّ الأجيال، أبرزهم
الأخ سابا نصر الله سركيس من عبيِّه (1843-1900) في
محبسة دير مار إشعيا، قرب برمانا. وتمَّت على
يده أشفية عديدة قبل مماته وبعده". وعددت
أسماء سبعة نساك آخرين مشهورين هم: الأب
جرمانوس الدرناني، الأب يوحنا الجعيتاوي،
الأخ وهبة الحاج بطرس، الأخ يوحنا الحايك،
الأب مبارك سلفايا، الأب سرابيون الشمالي،
الأب جرمانوس الإهدني، والأخ كرياكوس. في
العراء أو وقوفاً على الأعمدة
وفي الأشجار خلال
عهد المسيح، اشتهر القديس يوحنا المعمدان
بنُسْكه القاسي في برية اليهودية. وكان
مسيحيو مصر أول السباقين إلى الحياة النسكية
التي نشأت ونمت في وادي النيل في القرن الثالث.
وكان القديس بولا أول الحُبَساء. ويُعتبَر
القديس أنطونيوس الكبير، الملقب بـ"كوكب
البرية"، أشهر النساك؛ وهو من أنشأ الحياة
الرهبانية، فاستحق لقب "أبي الرهبان".
وكانت هناك أنواع عدة من التنسك (القرن الرابع):
"الوقَّافون" الذين يلزمون الوقوف
المتواصل من غير حراك، و"الشجريون"
الذين كانوا يعيشون على الشجر، و"السهَّارون"
الذين كانوا جماعات ويتناوبون على السهر، و"العشَّابون"
الذين يسيرون على أيديهم وأرجلهم ويقتلعون
العشب بأسنانهم، و"العموديون" الذين
يعيشون على عمود، وأبرزهم سمعان العمودي،
وحبساء الأبراج. ومن أهل العراء، القديس
مارون الناسك (350-415؟) الذي ابتكر طريقة التنسك
في العراء، وهي الطريقة الأقسى والأصلب [...]. في
لبنان، "بوشر ببناء المحابس بين الجيلين
الرابع والخامس"، وفق ما كتب الأب لامنس
اليسوعي في كتابه تسريح الأبصار. ومن أبرز
المحابس بعد انتشار أديار الرهبانية
اللبنانية المارونية: محبسة دير قزحيا (1716)،
وآخر نُسَّاكها الأب الدكتور أنطونيوس شينا
الذي دخلها عام 1982؛ ومحبسة حوب (قرب تنورين)؛
ومحبسة دير مار مارون عنايا (1798)، وأبرز
حبسائها القديس شربل عام 1875؛ ومحبسة دير
ميفوق؛ ومحبسة دير مار شليطا القطارة (1888)؛
ومحبسة دير مشموشة؛ ومحبسة دير سيدة طاميش،
وأول حبسائها الأب يعقوب أبي مارون الذي
سكنها عام 1926 وبقي فيها حتى وفاته في شباط عام
195، ويعيش فيها اليوم الحبيس الأب يوحنا
الخوند منذ 17 كانون الثاني 1998. وكان هذا اليوم
عيد القديس أنطونيوس أبي الرهبان. * النُسْك
والتوحُّد عند الموارنة والأرثوذكس يقول
متروبوليت جبل لبنان للروم الأرثوذكس
المطران جورج خضر في حديث لـالنهار: "إن
المتوحِّد كلمة مترجمة من اليونانية μοναχός؛
ومنها اشتقت كلمة moine بالفرنسية. وتدلُّ
وفق الاشتقاق اللغوي على الإنسان الذي يعيش
وحده مع الله، أي الراهب. وكلمة "ناسك"
تعني الراهب الذي يعيش وحده بعيداً عن الناس.
الراهب هو ناسك، والناسك صفة [...]. والمدلول
منها أنه إنسان من هذه الجماعة أدرك مستوى من
الحياة الروحية ونضجاً يؤهِّلانه لأن ينفصل
عن الجماعة." وقال: "نحكم على أهمية
التوحُّد والتنسك في الكنيسة الأرثوذكسية
تاريخياً؛ إذ يتبين أن الكثير من الحياة
الليتورجية نمت وتطورت في ظل حياة التروًّض
الروحي والرهبانية هذه." ورأى "أن حياة
التوحُّد في الكنيسة الأرثوذكسية مهمة لها؛
إذ تثبِّتها، وخصوصاً حيثما يكون هناك دير
ناشط وحي يفيد الناس وينعش المنطقة حوله".
وكيف يقوم الرهبان المتوحِّدين في الأديرة
التابعة لأبرشيته؟ يجيب: "قبلهم لم يكن
شيء؛ أي أننا شهدنا هوة أعواماً طويلة انقطعت
معها الحياة الرهبانية. وجُدِّدت أخيراً بوعي
وصدق. ويسعى الرهبان حقيقة إلى القداسة وغذاء
الروح." وقال: "كان واضحاً أن هناك حاجة
إلى تعميق الحياة الروحية والتمسك بها. وثمة
تعبير لهذه الأديرة عن الإرادة الأقصى في
الحياة الرهبانية. والمنهج العام الذي
اتُّبِع هو ربما بسبب العوامل التي أدَّت إلى
تأسيس هذه الأديرة، أي الانفصال في الدير
والثبات فيه والتركيز على حياة العبادة. ليس
الرهبان فيها منقطعون عن الرعايا، ولكن نتمنى
نحن الرعاة، اقتفاءً لآثار الرهبانية
الأنطاكية في المنطقة، أن يكون جمعٌ بين
العبادات والتبشير". من
جهته، قال أستاذ مادة الإسلاميات في جامعة
الروح القدس – الكسليك، الأب جوزف قزي (من
الرهبانية اللبنانية المارونية) "إن
المحبسة امتداد طبيعي للدير، والبديل
الطبيعي للحياة الديرية المشتركة [...]، وكمال
الحياة الرهبانية، وذروة المحبة الأخوية،
وقمة الصلاة الجماعية، والعمل المجاني،
والمشاركة مع الرب في فداء العالم وخلاصه.
إنها العنصر المميِّز للرهبانية اللبنانية
المارونية". وأضاف: "في المحبسة سَفَرٌ
من الخارج إلى الداخل، من العالم المادي إلى
الروحي، من الآخرين إلى الذات، من الصلاة إلى
التأمل، من المخلوقات إلى الخالق، من محاربة
الأعداء الظاهريين إلى محاربة الأهواء
والميول، من الانتصار على الكبائر إلى تذليل
الصغائر [...]. في المحبسة، تظهر الخطيئة
بعريها؛ لهذا تكون التوبة بالبكاء والدموع."
وأشار إلى أن "الحياة النسكية قديمة في
الكنيسة المارونية، وأصبح لها قانون مع بداية
الرهبانية المارونية. وواضع القانون الأول هو
مؤسس الرهبانية الأب عبد الله قراعلي؛
والثاني وضعه الأب أغناطيوس بليبل عام 1810؛
والثالث وضعه الحبيس طانيوس شينا (قزحيا).
وتقوم هذه القوانين على التقشف الدائم والسهر
والصلاة المتواصلة والعزلة. والملاحَظ أن كل
حبيس يختار القانون الذي يجد أنه يناسب
التنسُّك الذي يريده". وأشار إلى "أن
الناسك يحارب الشرَّ الذي فيه؛ أي أنه يحارب
الشر، حيث المؤكد أنه موجود فيه. وإن نقص
فاعلية الشرِّ في العالم يعني المساهمة في
خير العالم وسيره نحو القداسة". ورأى "أن
القديسين والحبساء هم أكبر رسل في الكنيسة"،
رافضاً مقولة إن التنسك موقف معين من العالم:
"الحياة النسكية التزام محاربة الشر." *** *** ***
|
|
|