عقوبة الإعدام

 

رشاد كيوان

لا يمكنني أن أصدق أنه لكي تدافع الدولة عن الحياة وتعاقب القاتل يتعين عليها أن تقوم هي الأخرى باقتراف القتل. إن عقوبة الإعدام لا تقل في لاإنسانيتها عن الجريمة التي تدفع إلى فرضها.

ريكاردو لاغوس إسكوبار

رئيس تشيلي

 

إنني أُكِنُّ تعاطفاً مع عائلات ضحايا القتل وغيره من الجرائم الأخرى، ولكنني لا أقبل أن يكون الموت مسوِّغاً للموت.

ماري روبنسون

المفوض السامي لحقوق الإنسان

في الأمم المتحدة

 

انتهت حياة سابا تيكلي نهاية مرعبة. فقد أمرها دوين ألن رايت – الذي لم يسبق لها أن رأته – تحت تهديد السلاح بخلع ملابسها في أحد شوارع ولاية فيرجينيا الأمريكية، وعندما حاولت الهرب أطلق عليها النار وأرداها قتيلة.

وسابا امرأة إثيوبية في الثالثة والثلاثين من العمر، أمٌّ لثلاثة أطفال يعيشون في إثيوبيا، وهي تعمل في الولايات المتحدة لإعالتهم. وقد أصيب جميع أفراد أسرتها بصدمة قاسية لدى علمهم بمقتلها. وبعد تسع سنوات اقتيد القاتل إلى غرفة الإعدام وحُقِنَ بمادة قاتلة؛ وبذلك أقيم العدل من وجهة نظر مؤيِّدي عقوبة الإعدام: نهاية مناسبة لجريمة قتل وحشية!

ولكن بمزيد من التدقيق نجد أن هذه "النهاية المناسبة" هي نفسها جريمة قتل وحشية. فقد نشأ دوين في فقر مدقع في أحد الأحياء الفقيرة في واشنطن العاصمة، وكان محاطاً منذ مولده باستمرار بالعنف وبالجرائم المرتبطة بالمخدرات وبالقتل وبتبادل إطلاق النار. دخل أبوه السجن وهو في الرابعة من عمره وتركه مع أمه المريضة عقلياً التي كانت غالباً عاطلة عن العمل. وفي العاشرة من عمره قُتِل أخوه غير الشقيق الذي أحبَّه كثيراً. وبعد ذلك عانى من مشكلات عاطفية خطيرة. كان مستوى أدائه المدرسي متدنياً، وأُرسِل إلى مرافق احتجاز الأحداث، ثم إلى المستشفى، حيث تلقى علاجاً لحالة اكتئاب حادٍّ كانت تتخلَّلها نوبات اختلال عقلي. وقد وجد الأطباء علامات تشير إلى وجود إصابة عضوية في الدماغ. وبعد شهر من بلوغه سن السابعة عشرة انجرف دوين في موجة من جرائم العنف دامت يومين وانتهت بقتله سابا تيكلي. وألقي القبض عليه في اليوم الثاني حيث اعترف على الفور بجريمته، وحَكَمَ "المجتمع" – الذي خذله دائماً – عليه بالإعدام. وقد تم إعدامه في ولاية فيرجينيا في 14/10/1994.

إن من الصعب فهم الكيفية التي ساعدت بها هذه "النهاية المناسبة" على التئام جراح عائلة سابا. ولكن من المؤكد أن الاهتمام الحقيقي بأقارب سابا كان يجب أن ينصبَّ على توفير الدعم المادي والمعنوي لهم لمساعدتهم على تجاوز مأساتهم.

سنقوم فيما يلي بإيراد الحجج التي يتذرَّع بها مؤيِّدو عقوبة الإعدام وسنحاول الردَّ عليها بقدر ما يسمح المقام.

الإعدام والردع

 تعتقد عدة حكومات أن الإعدام ضروري في المجتمعات الموبوءة بالجريمة، حيث إن هذه العقوبة الصارمة تردع الآخرين عن ارتكاب جرائم مماثلة.

ولكن جميع الأدلة أظهرت أن فاعلية الإعدام كرادع لارتكاب الجريمة لا تفوق فاعلية العقوبات الأخرى. فالذين يقترفون الجرائم الأكثر خطورة لا يفكرون في نتائج عملهم، وإنما يكونون غالباً خاضعين لضغوط كبيرة أو لألم شديد، أو واقعين تحت تأثير الكحول أو المخدرات أو لحظات الرعب الكبير، أي في الحالات التي لا يوجد فيها أثرٌ للردع.

لقد أثبتت الدراسات خطأ فرضية الردع؛ إذ أظهرت أن معدلات الجريمة في الدول التي ألغت عقوبة الإعدام ليست أعلى منها في الدول التي ما زالت تطبق هذه العقوبة، وأنه لا توجد أية علاقة ذات بال بين تطبيق الإعدام وعدد الجرائم في بلد ما، وإنما تتعلق معدلات الجريمة بمستويات التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي وصل إليه البلد. وجميع الدول التي ألغت الإعدام لم تعانِ من نتائج خطيرة نتيجة هذا الإلغاء.

وقد توصَّل روجر وود، مدير مركز البحث للدراسات الإجرامية في جامعة أوكسفورد البريطانية، إلى نتيجة مماثلة في بحث بعنوان "عقوبة الإعدام من منظور عالمي" (1966)، زعزع في حينه الكثير من المسلَّمات، حيث اختتم دراسته بالقول: "لقد أخفق البحث العلمي الذي شاء أن يبيِّن، بالاستناد إلى البرهان العلمي، أن عقوبة الإعدام وسيلة للردع أنجع ضد الجريمة من السجن المؤبَّد، ومن المستبعد أن يتم التوصُّل إلى مثل هذا البرهان في المستقبل."

من المؤشرات الأخرى على عقم عقوبة الإعدام كرادع عمليات "الإعدام بالتراضي"، حيث يرفض عشرات السجناء في الولايات المتحدة استئناف الأحكام الصادرة ضدهم ويطالبون حكومتهم بأن تقتلهم. وقد جرى تنفيذ أكثر من 90 عملية إعدام بالتراضي في الولايات المتحدة منذ عام 1977. وهناك عدة أسباب وراء قرار السجين عدم تقديم استئناف: مرض عقلي أو بدني، شعور بالندم، أوضاع قاسية في السجن، أو الرغبة في الشهرة.

هذه الحالات تسلِّط الضوء على فشل عقوبة الإعدام كأداة رادعة. بل قد يكون للإعدام، في بعض الحالات، أثر معاكس للردع. فدانييل كولويل الذي قتل شخصين بالرصاص عام 1996، بعد أن وجد أنه عاجز عن قتل نفسه، طالب بإنزال عقوبة الإعدام فيه أثناء محاكمته، وهدَّد المحلَّفين بالعنف إذا لم يلبوا رغبته. وقد أشارت بعض الدراسات في ولاية أوكلاهوما أن عودة الولاية إلى تنفيذ عمليات الإعدام عام 1990 أدت إلى زيادة ملموسة في عدد الجرائم التي يرتكبها الغرباء؛ وقد تكررت هذه النتائج في ولايات أخرى. ويجب ألا نفاجَأ إذا ولَّدت عقوبة الإعدام أعمال العنف بدلاً من ردعها؛ فهذه السياسة تحمل في طيَّاتها رسالة رسمية تفيد بأن القتل ردٌّ مناسب على القتل.

الإعدام والثأر

 

يجب أن يتمتع كل شخص بالحق في الحياة؛ وإلا فإن القاتل يكون قد حقق، من حيث لا يقصد، نصراً معنوياً عندما ينجح في جعل الدولة قاتلاً مثله، وبذلك يقلل من كراهية المجتمع للقضاء الواعي على البشر.

القاضي ساتشر

المحكمة الدستورية في جنوب أفريقية 1995

 

في مواجهة الأدلة المتزايدة على فشل عقوبة الإعدام كرادع لجأ مؤيِّدو الإعدام إلى قانون الثأر – "العين بالعين والسن بالسن" – بحجة تقديم العزاء إلى عائلات الضحايا، باعتماد عقوبة تتناسب، في رأيهم، مع بشاعة الجريمة.

عندما تتبنى الحكومة هذا الرأي فإنها تتخلَّى عن مسؤولياتها؛ إذ بدلاً من أن ينصبَّ اهتمامُها على القضاء على الجريمة بمعالجة أسبابها وتحسين إجراءات الأمن، تلجأ إلى الحلِّ السريع المتمثل في الإعدام، وتركِّز اهتمامها على الانتقام من الجناة، مما يسهم في إشاعة مناخ من العنف والعنف المضاد.

ويلاحَظ تزايد عدد أقارب ضحايا جرائم القتل الذين لا يجدون هذا العزاء في الإعدام. فقد رفض عددٌ من هؤلاء في الولايات المتحدة عقوبة الإعدام قائلين إنها لا تقدم حلاً لمآسيهم الشخصية؛ إذ كيف يمكن لأحد أن يتعزَّى بوفاة شخص آخر! ويمثل الإعدام، من جهة أخرى، فعلاً غير منطقي: نقتل القاتل فقط لأنه يجب أن لا يقتل! هناك تعارض واضح في ذلك. وبحسب كامو: "إن شريعة العين بالعين هي من رتبة الطبيعة والغريزة، وليست من رتبة القانون. فالقانون، بالتعريف، لا يصحُّ أن ينصاع لقواعد الطبيعة نفسها. وإذا كان الإجرام من طبيعة الإنسان فإن القانون لم يوضع لمحاكاة هذه الطبيعة أو لتكرارها، بل لتصويبها."

الإعدام والتمييز

إن عقوبة الإعدام طريقة غير عادلة لتحقيق العدالة؛ إذ ينطوي تطبيق هذه العقوبة على الظلم. فهناك اعتبارات مختلفة تلعب دوراً هاماً عند تحديد ما إذا كان القاتل يستحق الموت أولا يستحقه، كالغنى، والجاه، والعرق، ولون الجلد، والجنس، والسياسة، والدين.

فزنزانات المحكوم عليهم بالإعدام تكتظ بالسجناء المحرومين والفقراء والأقليات الإثنية والسود وكل الذين يكونون أقل قدرة على الدفاع عن أنفسهم أمام المحاكم. وقد تطبَّق عقوبة الإعدام بصورة تعسفية نتيجة عوامل اعتباطية، ككفاءة المحامين، أو المساومات المتعلقة بالاعتراف بارتكاب جريمة أقل خطورة، أو منح العفو العام احتفالاً بأعياد ميلاد الحكام! – وبذلك يتم التلاعب بالحياة والموت كعملية مقامرة. كما تقترن عقوبة الإعدام باحتمال قتل أبرياء، وذلك إما بسبب استخدام هذه العقوبة كأداة سياسية لإسكات معارضي الحكومات، وإما بسبب أخطاء قضائية.

ونستطيع أن نجد أمثلة على التمييز في كل دول العالم التي ما زالت تشرِّع الإعدام:

-       ففي الولايات المتحدة يشكل السود الذين يمثلون 12% من الشعب الأمريكي 42% من المحكوم عليهم بالإعدام. ورغم أن عدد ضحايا القتل من السود والبيض يكاد يكون متساوياً فإن نسبة 82% ممَّن جرى إعدامهم منذ 1977 كانوا قد أدينوا بتهمة قتل شخص أبيض.

-       وفي الدول العربية تتعلق العقوبة بجنس المجرم. فعلى عكس ما يجري للمرأة، لا يستحق عقوبةَ الموت الرجلُ الذي يقتل أمَّه أو أخته أو ابنته أو زوجه بسبب العِرْض، بل تُخفَّف عقوبته.

-       وفي إيران أُعدِم روح الله روحاني في تموز 1998، وهو أحد أعضاء الطائفة البهائية التي تمثل أقلية دينية، بتهمة علاقته بارتداد إحدى المسلمات إلى الديانة البهائية، رغم أنها ذكرت أن والديها قد ربياها على الديانة البهائية.

-       ورغم أن الحكومة الإسرائيلية تفتخر بأن إسرائيل هو الدولة الوحيدة في الشرق الأدنى التي لم تشرِّع الإعدام، فإن ذلك يسري فقط على اليهود؛ حيث إنها تطبق الإعدام على الفلسطينيين مع سبق الإصرار والترصد. فقد اغتال الجنود الإسرائيليون خلال 16 شهر من الانتفاضة حوالى مئة كادر من كوادرها، كما أعدموا ميدانياً عشرات المواطنين الفلسطينيين مع التمثيل بجثثهم وسرقة أعضائهم.

وهناك خلل جوهري في عقوبة الإعدام، وهو عدم إمكانية العودة عنها إذا نُفِّذَت – وهناك دائماً إمكانية حدوث أخطاء واستحالة في العودة عن هذا الخطأ. وفي كل عام تُكتشَف حالات لسوء تطبيق أحكام العدالة، ولكن بعد فوات أوان إنقاذ حياة المحكوم عليه.

قسوة التنفيذ

يعتقد مؤيِّدو الإعدام بوجود "طريقة إنسانية" للقتل؛ وهم يبحثون دائماً عن هذه الوسيلة. وحسب دراسة لمنظمة العفو الدولية مؤرَّخة في آذار 1989 توجد 7 طرق رئيسية للإعدام في العالم:

1.    الرمي بالرصاص: وهي الأكثر استخداماً في فترات الحروب، وتطبَّق على العسكريين خاصة. مستعملة في الصين، كوريا الشمالية، تايلاند، إندونيسيا، أرمينيا، والفييتنام.

2.    الشنق: أكثر الوسائل استخداماً في العالم، كما في إيران، كوريا الشمالية، سنغافورة، الهند، باكستان، ليبيا، مصر، وسوريا.

3.    الحقنة المميتة: تتم بحقن مادة سامة في الوريد تؤدي إلى الموت السريع. تُستخدَم هذه التقنية في الصين، الفيليبين، والولايات المتحدة الأمريكية.

4.    الرجم: يطبَّق في الدول العاملة بالشريعة الإسلامية، وخاصة في الجرائم الجنسية. وقد جاء في قانون الجنايات في الجمهورية الإسلامية الإيرانية: "على الحجارة ألا تكون كبيرة بحيث يموت المحكوم عليه من الضربة الأولى أو الثانية، ولا صغيرة بحيث لا يصحُّ أن تسمى حجارة."

5.    ضرب العنق: الأكثر استخداماً في الدول العاملة بالشريعة الإسلامية، وخاصة في المملكة العربية السعودية وبعض مقاطعات نيجيريا. وحسب شهادة السيَّاف السعودي سعيد بن عبد الله بن مبروك البيشي: "أستخدم السيف في قتل المجرمين من الرجال، والأسلحة النارية، وبالذات المسدس، في قتل النساء المجرمات. وهذا في نظري حكم سديد، من دواعيه ستر عورة المرأة، باعتبار أن القتل بحدِّ السيف يستدعي رفع الغطاء عن الرأس وإظهار الرقبة وجزءاً من الظهر دون غطاء."

6.    غرفة الغاز و

7.    الكرسي الكهربائي: تطبَّق هاتان الطريقتان في الولايات المتحدة الأمريكية.

وهناك وسائل أخرى أقل استخداماً منتشرة في بعض بقاع العالم. ففي أفغانستان أُعدِم 5 رجال متهمين باللواط بوضعهم قرب بعض الجدران وهدمها فوقهم ليدفنوا تحت أنقاضها؛ وقد ظل رجلان على قيد الحياة حتى اليوم الثاني!

إن جميع هذه الطرق طرق وحشية وفظيعة لأنها تؤدي إلى الموت، ولأنها قد تخطئ، إضافة إلى الألم الكبير الذي تسبِّبه أثناء انتزاع الحياة. وفي الواقع فإن هذه الطرق ليست دائماً نظيفة وغير مؤلمة، كما يظن مؤيِّدوها. ففي حالات كثيرة يتألم المحكوم عليه كثيراً أثناء التنفيذ وأثناء انتظار لحظة موته المتوقَّعة أو المحددة سلفاً. وقد وصف زميلٌ لمحكوم عليه بالإعدام (أُعدِم في السعودية عام 1996 لاتِّهامه بجريمة قتل نفى ارتكابها) حالة زميله قائلاً: "كان يدخل في حالة هياج شديد بعد ظهر كل خميس، وصباح كل جمعة تحسباً من إعدامه." (الإعدام في المملكة يتم بعد صلاة الجمعة في مكان عام.)

وقد كتب فيودور دوستويفسكي عن الإعدام في الأبله: "الألم الرئيسي، الألم الذي هو أشد الآلام قوة، قد لا يكون ألم الجروح، بل الألم الذي ينشأ عن يقين المرء من أنه بعد ساعة، ثم بعد عشر دقائق، ثم بعد نصف دقيقة، ثم الآن فوراً، ستترك روحُه جسدها، وأنه لن يكون بعد تلك اللحظة إنساناً، وأن هذا مؤكد."

وجميع هذه الطرق يمكن أن تقع في الخطأ. ففي عام 1998، عند تنفيذ أول إعدام بالحقنة المميتة في غواتيمالا، استغرقت وفاة الفلاح المعدم مانويل مارتينيث كورونادو، الهندي الأصل، 18 دقيقة بسبب خطأ في جهاز الحقن. وقد بقي خلال هذه المدة يتعذب بشدة.

وثمة اتجاه مقلق في بعض دول العالم نحو الإعدام العلني؛ مما يدل على أن بعض الحكومات قد فقدت الشعور بالحياء إزاء ما تقوم به، وبحرمة الحياة الإنسانية، وأن الناس في هذه البلدان أصبحوا يألفون الوحشية والموت بشكل متزايد. وقد أدى الإعدام العلني في لبنان، المنقول عبر وسائل الإعلام، إلى حادث خطير عندما قامت مجموعة من الأطفال الذين شاهدوا الإعدام على الشاشة الصغيرة بإعادة المشهد وقتلوا أحد رفاقهم.

الاتجاه نحو إلغاء عقوبة الإعدام

لحسن الحظ، يتزايد عدد الدول التي تلغي الإعدام كل عام. ففي عام 1899 كانت هناك 3 دول فقط في العالم لا تطبق عقوبة الإعدام هي: كوستاريكا، سان مارينو، وفنزويلا؛ وقد أصبح العدد عام 1948 ثمانية دول. وفي نهاية عام 1978 وصل العدد إلى 19 دولة؛ وخلال العشرين سنة الماضية قفز الرقم إلى أكثر من 3 أمثاله. وفي مطلع هذا القرن كانت هناك 108 دول ألغت الإعدام بالقانون أو بالتطبيق:

-       75 دولة ألغت الإعدام نهائياً، كفرنسا التي ألغته عام 1981، وتركمانستان عام 1999.

-       13 دولة استبْقته للجرائم الاستثنائية فقط، كجرائم الحرب، مثل ألبانيا والبرازيل.

-       20 دولة ألغته واقعياً، أي أنها لم تنفِّذ أي حكم بالإعدام خلال العشر سنوات الماضية، مثل تركيا* (جرت آخر عملية إعدام فيها 1984).

أما بقية دول العالم – حوالى 86 دولة – فما زالت تنفذ عمليات إعدام، كالولايات المتحدة الأمريكية، الصين، إيران، والدول العربية كافة، ما عدا البحرين.

وتبين تجربة أذربيجان – التي ألغت عقوبة الإعدام عام 1998 – كيف يمكن تحقيق ذلك:

-       1993: توقف تنفيذ عمليات الإعدام رغم استمرار إصدار أحكام الإعدام.

-       1994: ألغيت العقوبة ضد للنساء.

-       1995: اعتُمِدَ دستور جديد أبقى على عقوبة الإعدام كإجراء استثنائي على الجرائم المرتكَبة ضد الدولة وحياة أي فرد أو صحَّته.

-       1996: ألغيت عقوبة الإعدام للرجال فوق 65 سنة، وتم تخفيض عدد الجرائم التي يعاقَب عليها بالإعدام من 33 جريمة إلى 12.

-       1998: وافق البرلمان بأغلبية 104 أصوات مقابل 3 على إلغاء عقوبة الإعدام.

بمثابة خاتمة: أخبار

باريس – أ ف ب: أعلنت جمعية "معاً ضد عقوبة الإعدام" الناشطة من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في كل أنحاء العالم صباح أمس في باريس، في مناسبة وصول الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى العاصمة الفرنسية، عن عقد مؤتمر عالمي ثانٍ ضد عقوبة الإعدام في واشنطن في مايو (أيار) 2004.
واستعداداً لوصول الرئيس الأميركي إلى باريس، أنزلت الجمعية قبالة تمثال الحرية على ضفة نهر السين 152 مجسماً كرتونياً تمثل الأشخاص الـ152 الذي أُعدِموا خلال تولِّي بوش منصب حاكم ولاية تكساس ورئاسة البلاد.
وقال رئيس الجمعية ميشال توب: "نحرص على التذكير بأسماء الأشخاص الذين أُعدِموا حين كان بوش حاكماً لتكساس، ومنذ أن صار رئيساً." وأضاف: "بإمكان الأمريكيين إلغاء هذه العقوبة الهمجية التي تنتهك حقوق الإنسان وتسبب العنف حين يريد القضاءُ إحلالَ الوئام المدني."
وكان المؤتمر العالمي الأول من أجل إلغاء هذه العقوبة قد عُقِدَ، أيضاً بمبادرة من هذه الجمعية، في يونيو (حزيران) 2001، بالاشتراك مع البرلمان الأوروبي، ومجلس أوروبا، والجمعية الوطنية الفرنسية، والعديد من المنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق الإنسان.
وتم تأسيس الجمعية عام 2000 في ستراسبورغ (شرق)، والمؤتمر الثاني في واشنطن سيعقد في 2004 قبل الانتخابات الأمريكية؛ وهدفه، على حدِّ قول توب، "الدفع في اتجاه تشجيع المجتمع الأمريكي على المطالبة بفتح نقاش حول إلغاء العقوبة خلال الحملة الانتخابية."
وفي 13 مايو (أيار) الماضي قامت الجمعية بتأسيس "ائتلاف عالمي ضد عقوبة الإعدام" في روما يجمع منظمات تنشط في هذا المجال، وبينها منظمة العفو الدولية، والاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، وجمعيات رجال قانون، ومحامين وممثلين عن الأوساط الثقافية والدينية، من أجل تنسيق هذه الأنشطة في العالم.
(عن الشرق الأوسط، 27 أيار 2002)

***

لبنان: حملة وطنية لإلغاء عقوبة الإعدام

المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام ليست دفاعاً عن مرتكبي الجرائم، بل منع لمعالجة الجريمة بجريمة أقسى وأبشع منها.

محاولة للَّحاق بالركب العالمي

بيروت – أكدت ندوة متخصصة انعقدت الجمعة في بيروت على أهمية دور الإعلام في التوعية الضرورية للتوصل إلى إلغاء عقوبة الإعدام، وذلك في إطار حملة وطنية ضد هذه العقوبة أطلقتْها هيئاتٌ مدنية عام 1997 وتحركات ميدانية ضاغطة ونشاطات تثقيفية.

وقد نظمت الندوةَ التي تنعقد ليوم واحد مؤسسةُ "فريدريخ إيبرت" الألمانية وحركة "حقوق الناس" اللبنانية لأن "الإعلام، سواء كان مؤيِّداً أو رافضاً، فهو شريك، وله دور رئيس في تكوين الرأي العام والذهنيَّات والأحاسيس".

رفض للقتل تحت أي اسم

تتضمن الندوة أربع جلسات:

1.    ضرورة إلغاء الإعدام

  1. ضرورة بناء استراتيجية متكاملة ضد الإعدام في لبنان
  2. الموجِبات القانونية لإلغاء هذه العقوبة
  3. صورة الإعدام في الإعلام

وقد أوضح ممثل "فريدريخ إيبرت" في لبنان سمير فرح أن "المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام ليست دفاعاً عن مرتكبي الجرائم، بل منع لمعالجة الجريمة بجريمة أقسى وأبشع منها". ولفت فرح النظر إلى أن "لبنان يتطلَّع إلى توقيع معاهدة شراكة مع الاتحاد الأوروبي الذي ألغت جميع دوله هذه العقوبة".

وأكَّد منسق الحملة الوطنية ضد الإعدام، المحامي وليد صليبي، أن إلغاء هذه العقوبة "هو رفض للقتل تحت أي اسم أتى، ولأنه يأتي كعقوبة مطلقة على مسؤولية نسبية"، داعياً إلى "تجميد الإعدام مرحلياً لإلغائه لاحقاً عبر نقاش وطني".

وتمحورت المداخلات حول ضرورة إلغاء قانون صدر في لبنان عام 1994، وقضى بمنع القاضي من تطبيق الأسباب التخفيفية في حالات القتل العَمْد بحجة الوضع الاستثنائي للبلاد بعد الحرب (1975-1990). ومنذ ذلك التاريخ نُفِّذَت عقوبة الموت بـ17 شخصاً.

وأكَّدت المحامية ندى الأدهمي من لجنة الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان في نقابة المحامين في بيروت أن منع القاضي من منح فاعل الجريمة القصدية الأسباب المخففة "يعني تجريد القاضي من حقِّه في تقدير ظروف الجريمة وأسباب حصولها وملابساتها، وبالتالي إنزال العقوبة بالاستناد فقط إلى العنصر المادي للجريمة، أي فعل القتل، بغضِّ النظر عن شخصية القاتل وظروفه ودوافعه؛ وهذا أمر غير جائز لأن القانون الجنائي يرتكز على مبدأ المسؤولية".

وفي هذا الإطار أبرزت صحفٌ لبنانية الجمعة نبأ رفض أحد القضاة توقيع حكم إعدام. فقد امتنع القاضي خالد حمود الخميس عن توقيع حكم بالإعدام وأعلن تنحِّيه "من أجل محو هذه اللطخة السوداء عن جبين العدالة"، كما ورد في رسالته إلى مسؤوليه. وقد رأت صحيفة السفير في ذلك "سابقة تعبِّر عن حجم الاعتراض على قانون إعدام القاتل".

ويُذكَر أن رئيس الحكومة السابق سليم الحص قد رفض في آذار/مارس عام 2000 توقيع مرسومي إعدام انسجاماً مع "قناعاته الشخصية".

وأكد المنظمون أن في لبنان حاليا 11 ملفاً ومرسوم إعدام تنتظر التوقيع الرسمي.

وكانت 58 هيئة مدنية وحزباً سياسياً قد طالبت في نيسان/أبريل الماضي السلطات اللبنانية بإلغاء عقوبة الإعدام، وذلك في إطار الحملة الوطنية المناهِضة للإعدام التي تتضمن نشاطات توعية، منها ندوة الجمعة، وتحركات ميدانية ضاغطة، منها تظاهرة أطفال جرت في 31 أيار/مايو الماضي.

وتدل آخر الإحصاءات عن نسبة الدول التي تعتمد هذه العقوبة التي صدرت عن منظمة العفو الدولية في آذار/مارس 2000 أن "من أصل 195 بلداً في العالم ألغت 108 دول عقوبة الإعدام في القانون أو في التطبيق (73 ألغتها كلياً، و13 ألغتها بالنسبة للجرائم العادية، 22 ألغتها واقعياً)".

والبحرين هي البلد العربي الوحيد الذي ألغى عقوبة الإعدام. (عن ميدل إيست أونلاين، 8/6/2001)

*** *** ***


* ألغت تركيا رسمياً عقوبة الإعدام في أوائل آب 2002، أي بعد كتابة المقال بعدة أشهر. (المحرِّر)

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود