|
الطب
البديل أصيل أصالة التاريخ
ضمن
النشاطات الكثيرة التي تحييها المراكز
الثقافية في دمشق أقام المركز الثقافي العربي
في أبو رمانة، بالتعاون مع مركز الفنون
والعلوم للأبحاث والتطوير، ندوة بعنوان "درهم
وقاية خير من قنطار علاج". شارك في هذه
الندوة الباحث عادل مرعي مهنا بمحاضرة تحدث
فيها عن "الطب البديل: تعريفه، وأهميته،
واستخداماته"، نعرض لكم هنا بعض مما جاء
فيها: في
مقدمة المحاضرة عرَّف الباحث عادل مهنا بالطب
البديل بكونه: ممارسة فعلية لطرق علاجية
مبتكرة ومتعددة ومختلفة لأمراض شتى؛ وتلك
الطرق العلاجية مختلفة عما ألفناه أو عما هو
متعارف عليه في أسس الطب الكلاسي الذي ظهر في
عصرنا الحديث هذا. وقد أكد الباحث
أن من الواجب تسمية الطب البديل بالطب "الأصيل"؛
إذ إن أصالته تعود لأصالة تاريخنا العربي
ولأصالة التاريخ نفسه. ولا حرج أيضاً في أن
نسميه بالطب "المكمِّل" اعترافاً منا
بما توصل إليه الطب الكلاسي من نتائج عظيمة لا
يمكن للمرء نكرانها. واستذكر مهنا
الاكتشافات والاختراعات، منذ الخليقة وحتى
الآن، وعدد اختصاصات واتجاهات الطب البديل
وسبله العلاجية: -
العلاج بالغذاء
النباتي والحيواني. -
العلاج
بالأعشاب -
العلاج
بالمساحيق المعدنية -
العلاج
الصيني – الوخز بالإبر -
العلاج
بالمغنطيسية -
العلاج
بلسعات النحل والسموم -
العلاج
بالإيمان -
العلاج
بالموسيقى -
العلاج
بالألوان -
العلاج
بالإيحاء الذاتي والروحي -
العلاج
بالبارابسيكولوجيا -
العلاجات
الفيزيائية بأنواعها وما إلى هنالك من
علاجات أخرى لا مجال لذكرها الآن. الطب الأصيل يعود
منتصراً
وأضاف: مع بدايات
الألفية الثالثة تنبَّه العالم بأسره لأهمية
الطب البديل كعلاج مكمِّل، بل كعلاج أساسي في
حالات مرضية كثيرة عجز الطب الكلاسي الحديث
عن معالجتها – هذا الطب الأكاديمي الذي هيمن
على المناهج الجامعية الطبية ليطول الممارسة
اليومية للأطباء الغربيين، مقترناً مع طغيان
الأنموذج الغربي في دوائر المعارف العلمية
بشكل عام. نحن لا ننكر مدى
التقدم العلمي الكبير الذي تم في هذا العصر من
تقنيات حديثة في الصناعات، الدوائية إلا أنها
في النتيجة تحولت إلى رهينة احتكارية
رأسمالية، حتى إننا تلمَّسنا تأثير ذلك على
قليل من الأطباء الذين تكيفوا مع هذا الواقع،
وأصبحت علاقة المريض علاقة شبه مقتضبة وسريعة، تتبعها وصفة دوائية جاهزة للعلاج. بعض مشاهير علماء
العرب والمسلمين في الطب والصيدلة
وفي العالم
النامي أصبح الطبيب والباحث أسيراً لمناهج
الصناعات الدوائية في العالم، دون مراعاة
للإنجازات العملاقة والضخمة لأسلافنا العرب
المشتغلين بالعلاج بما يسمى اليوم بالطب
البديل (الطب الطبيعي). وقد ساهم في إنجازاته
علماء العرب والمسلمين في صناعة الأدوية
المستخلصة من الأعشاب والنباتات الطبيعية
مثل: -
الزهراوي: أعظم
مطوِّر للمهن الصحية في الأندلس؛ وهو أبو
القاسم خلف بن عباس الزهراوي؛ عاش بين عامي
327-404 هـ/938-1013 م. -
البيروني:
هذا العبقري الفذ الذي سبق زمنه بقرون بما
خلفه لنا من أدب في تاريخ الصيدلة؛ وهو أبو
الريحان محمد بن أحمد البيروني الخوارزمي؛
عاش بين عامي 362-434 هـ. -
أبو
علي يحيى بن جذلة: اعتُبِر من أعظم أطباء
بغداد في أواخر القرن الخامس الهجري؛ متوفى
عام 493/هـ 1100 م؛ صاحب كتابي: تقويم الأبدان في
تدبير الإنسان ومنهاج البيان فيما
يستعمله الإنسان. -
ابن
النفيس: السوري الأصل؛ وهو الفقيه والطبيب
والعلامة علاء الدين علي ابن أبي الحزم
القرشي بن النفيس؛ عاش بين عامي 607-687 هـ/1210-288 م
وتوفي بالقاهرة. -
النطاسي: هو
الصيدلي القدير يوسف بن إسماعيل بن الياس بن
أحمد الجويني الكتبي البغدادي الذي أكد
للمشتغلين بالأمور والمهن الصحية ألا
يتوقفوا في تراكيبهم وتحضيرهم للأدوية على
قيل عن قائل، وألا يمارسوا المهنة معتمدين
على ما تمارسُه العجائز والعوام في الطب
الشعبي آنذاك، كما يفعل بعض الأطباء أيضاً
حتى يقولوا "هذا دواء ركَّبه فلان"، و"هذا
عقار جرَّبته فلانة واستعمله جارنا فلان"،
و"فلانة رأت في المنام كذا وكذا"، إلى ما
هنالك من الخرافات التي لا تنطبق على الواقع
من أصول علمية اختبارية أو منهج موضوعي يستند
إلى الملاحظة والبحث الدقيق والمشاهدة
اليقينية والتجارب المقررة. وهناك آخرون،
كالشيرازي، صاحب كتاب الحاوي في علم
التداوي، وغيرهم ممَّن لا يتسع الوقت
لذكرهم. التراكيب
الدوائية ذات المنشأ الطبيعي في معظم بلدان
العالم اليوم تفضَّل التراكيب الدوائية ذات
المنشأ الغذائي والطبيعي على المستحضرات
والأدوية الكيميائية، باعتبار أن الوقاية
خير من العلاج، مع طرح مفاهيم الغذاء لا
الدواء أو "الغذاء قبل الدواء". ومع مأساة
البشرية بعدم إيجاد علاجات كيميائية فعالة
وناجعة مئة بالمئة للأمراض المستعصية
والميؤوس منها، حيث إن مجموع الوفيات يزداد
يوماً بعد يوم دون جدوى، عكف الأطباء
المتخصصون على التفكير في إيجاد بدائل أكثر
ملاءمة للمرضى من تلك التراكيب العلاجية
الكيميائية، بالتعاون مع البحاثة والمخترعين
لاكتشاف تلك البدائل الطبيعية الأكثر فائدة
والأقل ضرراً. ورداً على سؤال
"لماذا يحارب بعضُهم الطب البديل؟" قال
الباحث: "يفاجئنا بعضهم بآرائهم في أن
استخدام النباتات الطبيعية في معالجة
الأمراض إنما هو ضرب من ضروب التخلف! والسؤال
الذي يطرح نفسه الآن: هل الاستعانة بالغذاء
كوقاية وعلاج هو أيضاً ضرب من ضروب التخلف؟" نحن نعترف
بالانتصارات الدوائية التي حققها العلماء في
الطب الكلاسي، الحديث، لكننا لا ننكر ما لهذه
الأدوية من آثار جانبية ضارة في الكثير من
الأحيان. وتجدر الإشارة
هنا إلى التوصيات المهمة للمؤتمرات العلمية
والطبية بضرورة البحث في مكنونات وعوالم
النباتات الطبيعية، واكتشاف ما هو جديد
بفعالياتها، بالاعتماد على تجارب الناس
العملية والعلمية المدروسة وعلى عشرات
المقالات والأبحاث التي تُنشَر شهرياً التي
تشيد بفوائد النباتات والأعشاب الطبيعية في
بلدنا وبلدان أخرى، مدعَّمة بالبراهين
والثبوتيات والوثائق على نجاعة تلك العقارات
المستخلصة من صيدلية الطبيعة. أهمية النباتات في
علاج الأمراض العامة والمستعصية
إن استذكاراً
سريعاً لما في الطبيعة من نباتات متعددة
ومتنوعة، المعروف منها وغير المعروف،
بفوائدها ليجعلنا ندرك كم هي مهملة وغير
مستغلة نتيجة تلك الآراء الجاحدة والمجحفة
بحقها. من هنا تأتي
أهمية، بل ضرورة، دراسة النباتات الطبية
واختيار ما هو نافع منها والابتعاد عن المضر،
بل وتسخير تلك المواد الضارة وتحويلها إلى
مواد وخلاصات نافعة لخدمة الإنسان، على غرار
الخلاصات المستخرجة من بعض أعضاء الحيوانات،
كسمِّ العقارب والأفاعي والنحل التي غدت من
أهم الخلاصات الفعالة في العلاج، في الطب
البديل والطب الكلاسي على حد سواء. بل لقد
تفوق الطب البديل في هذا المسعى؛ إذ لقد نجح
العلماء والبحاثة باستخدام تلك السموم في
العلاج. وفي عصرنا الحاضر
نجح العلماء في عزل لا يقل عن عشرة عناصر
فعالة يحويها زيت حب الهال، تفيد في معظمها في
الفتك بالبكتريا التي تسبب نخر الأسنان
وتسوُّسها، إضافة إلى الرائحة الزكية
الفائحة منه. ناهيك على أن بعض
النباتات توصف بكونها صيدلية كاملة، كالبصل
والبقدونس والحلبة التي قيل عنها: "لو قيست
بمثل وزنها ذهباً لكان هذا قليلاً"؛ ولا
ننسى حبة البركة والثوم والبابونج وغيرها من
الأعشاب المشهورة والمعروفة لدينا أكثر من
غيرها. ***
*** ***
|
|
|