|
||||||||||||||||||
| |||||||||||||||||||
|
كلمة الأب د. يوحنا اللاطي
أيها الأحباء، عيَّدْنا اليوم لقديسة عجيبة، مريم المصرية أو القبطية. زانية بالكلية تحوَّلت إلى الله بالكلية. لكنَّه تحول تقشعر له الأبدان. بلغت في الهدوء مبلغًا رفيعًا رفيعًا. وصارت ملاكًا بالجسد. من شدة الصوم والنسك، صارت جلدًا على عظم. حتى اللحم ذاب وليس الشحم فقط. كيسوع، خرقت النظام الطبيعي للجاذبية والمكان. كانت تمشي على المياه وترتقي في الفضاء عندما تصلي وتعبر المسافات بسرعة فائقة. كانت تعرف المستقبلات وعرفت ساعة موتها. مريم المصرية كيان روحي ممتاز نتعلم منها أن التوبة ممكنة ممكنة لأتعس الخطأة ونتعلَّم منها بُعْدَ نظر الروح القدس وكيف أنه يرى الجمال وراء الظاهر الإنساني المشوه وكيف يبرزه بحكمة إذا ما أراد الإنسان – بعونه - أن يخرج من دائرة السقوط إلى دائرة القيامة (من الأهواء). أيها الأحباء، نصلي الآن لراحة رجل أقل ما يقال فيه: إنه رجل الإنجازات. أكرم تخطر على مياه الإنجازات وارتقى في فضاءات الفكر وأعطاه الله أن يعرف بعض المستقبلات وربما أنه عرف ساعة موته. أكرم ناسك معاصر. غرفته كانت قلايته. رجل الصمت الناطق. والصمت سمة العارف المتعمق. رجل قلق. في كل لحظة كان يبحث عن ذاته وعن الحق وعن سر الوجود. اكتشف في لحظة ما أن الهدوء هو داوء الألم في البشرية التي تتنازعها الأهواء وأطلق لحنه الهائل تحت عنوان اللاعنف. صار اللاعنف شعارًا له وبيتَ صمته الخجول وربما لقبَه: أكرم لاعنفي بدلاً من أكرم أنطاكي. رجل مبادئ وفي... مفكِّر حر عمومًا. لكنَّ فكره الحر لم يأخذه سوى إلى مسيح عشِقَه: ربما، أحيانًا، على هواه فَهِم المسيح لشدة تمسكه برؤيته الفريدة للأشياء وللوجود. لا بأس. الله يحب المفكرين مهما كان لونهم. هم صورة الله الذي يقول عن نفسه: أنا أعمل... أكرم صان الصورة الإلهية. لم يكن أبدًا مستنقعًا. إعماله للفكر جعل منه نهرًا متدفقًا وأحيانًا هادرًا... رائع كيف أنه حوَّل طاقته العلمية كمهندس إلى طاقة هندسة فضائية فكرية شابكية... يُزيد الجمال جمالاً طيبُ معشر أكرم وبساطتُه وتواضعه وخجله الطبيعي ولهفته الاجتماعية الصادقة... قربانةً سورية طيبة كان أكرم. سنفتقدك يا أكرم، ستفتقدك عائلتك وأصدقاؤك. يبدو أن الله لشدة محبته لك أرادك قربه تتمتع بلذة معاينات لا توصف بعد تعب ليس بقليل على وجه هذه الفانية. رحمه الله يا منى. أقول لأولاده: رحمه الله. البركة فيكم. وجوده يستمر بكم. رحمه الله 21 نيسان 2013، كنيسة الصليب *** *** *** |
|
|
|
